وهذا هو السر فى تعبيرهم بنقل الكلام. مع العلم بأن الكلام نفسه لا ينقل من لغته بحال.
ويمكننا أن نعرف الترجمة فى هذا العرف العام بعبارة مبسوطة فنقول : هى التعبير عن معنى كلام فى لغة بكلام آخر من لغة أخرى مع الوفاء بجميع معانيه ومقاصده. فكلمة (التعبير) جنس ، وما بعده من القيود فصل وقولنا : (عن معنى كلام) يخرج به التعبير عن المعنى القائم بالنفس حين يخرج فى صورة اللفظ أول مرة وقولنا : (بكلام آخر) يخرج به التعبير عن المعنى بالكلام الأول نفسه ، ولو تكرر ألف مرة.
وقولنا : (من لغة أخرى) يخرج به التفسير بلغة الأصل ، ويخرج به أيضا التعبير بمرادف مكان مرادفه ، أو بكلام بدل آخر مساو له ، على وجه لا تفسير فيه ، واللغة واحدة فى الجميع.
وقولنا : (مع الوفاء بجميع معانى الأصل ومقاصده) يخرج به تفسير الكلام بلغة غير لغته ؛ فإن التفسير لا يشترط فيه الوفاء بكل معانى الأصل المفسر ومقاصده ، بل يكفى فيه البيان ولو من وجه. وسنوافيك قريبا بتفصيل ذلك.
تقسيم الترجمة :
وتنقسم الترجمة بهذا المعنى العرفى إلى قسمين : حرفية وتفسيرية ، فالترجمة الحرفية هى التى تراعى فيها محاكاة الأصل فى نظمه وترتيبه. فهى تشبه وضع المرادف مكان مرادفه. وبعض الناس يسمى هذه الترجمة ترجمة لفظية ، وبعضهم يسميها مساوية.
والترجمة التفسيرية هى التى لا تراعى فيها تلك المحاكاة أى محاكاة الأصل فى نظمه وترتيبه ، بل المهم فيها حسن تصوير المعانى والأغراض كاملة. ولهذا تسمى أيضا بالترجمة المعنوية. وسميت تفسيرية لأن حسن تصوير المعانى والأغراض فيها جعلها تشبه التفسير ، وما هى بتفسير كما يتبين لك بعد.
فالمترجم ترجمة حرفية يقصد إلى كل كلمة فى الأصل فيفهمها ، ثم يستبدل بها كلمة تساويها فى اللغة الأخرى مع وضعها موضعها وإحلالها محلها ، وإن أدى ذلك إلى خفاء المعنى المراد