النار» فإنه لا يلزم أن يكون سابقا على الخبر الوارد بإيجاب الوضوء مما مست النار ، ولا يخلو وقوع هذا من حكمة عظيمة ، هى تخفيف الله عن عباده بعد أن ابتلاهم بالتشديد.
قانون التعارض :
وعلى ذكر التعارض فى هذا الباب ، نبين لك أن النصين المتعارضين إما أن يتفقا فى أنهما قطعيان أو ظنيان ، وإما أن يختلفا فيكون أحدهما قطعيا والآخر ظنيا. أما المختلفان فلا نسخ بينهما ، لأن القطعى أقوى من الظنى ، فيؤخذ به ، وما كان اليقين ليترك بالظن. وأما المتفقان فإن علم تأخر أحدهما بطريق من تلك الطرق الثلاث المعتمدة ، فهو الناسخ والآخر المنسوخ. وإن لم يدل عليه واحد منها وجب التوقف. وقيل يتخير الناظر بين العمل بهما.
هذا كله إذا لم يمكن الجمع بين النصين بوجه من وجوه التخصيص والتأويل. وإلا وجب الجمع ، لأن إعمال الدليلين أولى من إعمال دليل وإهدار آخر ، ولأن الأصل فى الأحكام بقاؤها وعدم نسخها فلا ينبغى أن يترك استصحاب هذا الأصل إلا بدليل بين.
ما يتناوله النسخ
إن تعريف النسخ بأنه رفع حكم شرعى بدليل شرعى ، يفيد فى وضوح أن النسخ لا يكون إلا فى الأحكام. وذلك موضع اتفاق بين القائلين بالنسخ ، لكن فى خصوص ما كان من فروع العبادات والمعاملات أما غير هذه الفروع من العقائد وأمهات الأخلاق وأصول العبادات والمعاملات ومدلولات الأخبار المحضة ، فلا نسخ فيها على الرأى السديد الذى عليه جمهور العلماء.
أما العقائد فلأنها حقائق صحيحة ثابتة لا تقبل التغيير والتبديل ، فبدهى ألا يتعلق بها نسخ.
وأما أمهات الأخلاق فلأن حكمة الله فى شرعها ، ومصلحة الناس فى التخلق بها.