ونجيب على هذا بان الذين زعموا أنهم ترجموا القرآن ترجمة عربية شوهوا جماله وغضوا مقامه باعترافكم. فإن أنتم ترجمتم ترجمتهم وحاولتهم محاولتهم فستقعون لا محالة فى قريب مما وقعوا فيه ، وستمسون بدوركم عظمة هذا القرآن وجلاله ، مهما بالغتم فى الحيطة ، وأمعنتم فى الدقة ، ونبغتم فى العلم ، وتفوقتم فى الفهم ، لأن القرآن أعز وأمنع من أن تناله ريشة أى مصور كان ، من إنس أو جان كما بينا ذلك أو فى بيان.
أما إذا حاولتم ترجمة القرآن على معنى تفسيره بلغة أجنبية ، فذلك موقف آخر ، نؤيدكم فيه ، ونوافقكم عليه ، وندعو القادرين معكم إليه.
الشبهة السادسة ودفعها :
يقولون : جاء فى صريح السنة ما يؤيد القول بجواز ترجمة القرآن فقد قال الشر بنلالى فى كتابه «النفحة القدسية» ما نصه :
«روى أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسى أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية ، فكتب لهم. «بسم الله الرحمن الرحيم ـ بنام يزدان بخشايند» فكانوا يقرءون ذلك فى الصلاة حتى لانت ألسنتهم. وبعد ما كتب عرضه على النبى صلىاللهعليهوسلم. كذا فى المبسوط.
قاله فى النهاية والدراية».
ونجيب على هذا من وجوه : (أولها) أن هذا خبر مجهول الأصل ، لا يعرف له سند ، فلا يجوز العمل به ، (ثانيها) أن هذا الخبر لو كان لنقل وتواتر ، لأنه مما تتوافر الدواعى على نقله وتواتره. (ثالثها) أنه يحمل دليل وهنه فيه. ذلك أنهم سألوه أن يكتب لهم ترجمة الفاتحة فلم يكتبها لهم. إنما كتب لهم ترجمة البسملة : ولو كانت الترجمة ممكنة وجائزة ، لأجابهم إلى ما طلبوا وجوبا ، وإلا كان كانما وكاتم العلم ملعون.
(رابعها) أن المتأمل فى هذا الخبر يدرك أن البسملة نفسها لم نترجم لهم كاملة ، لأن هذه