أن الأقوى من الجهتين جهة المانعين استفادة الأحكام منها. لكن بقى فيها نظر آخر :
ربما إخال أن لها دلالة على معان زائدة على المعنى الأصلى ، هى آداب شرعية ، وتخلفات حسنة ، فيكون لها اعتبار فى الشريعة ، فلا تكون الجهة الثانية خالية من الدلالة جملة. وعند ذلك يشكل القول بالمنع مطلقا» اه مختصر.
أرأيت هذا التردد كله؟ ثم أرأيت كيف أخطأه التوفيق فى أن يحزم كما جزمنا باستفادة أنواع الهدايات الإسلامية ، من جهة المعانى الثانوية للقرآن الكريم ، على نحو ما فصلناه تفصيلا ، ومثلنا له تمثيلا؟. والكمال لله وحده.
(خامسها) أنه قال فى الجزء الثانى من كتابه الموافقات أيضا (ص ٤٢) : «إن القرآن أنزل بلسان العرب ، فطلب فهمه إنما يكون من هذا الطريق خاصة ... ثم قال :
«فمن أراد نفهمه فمن جهة لسان العرب يفهمه. ولا سبيل إلى تفهمه من غير هذه الجهة». وذلك برهان يدل على أن ترجمة القرآن فى نظره ، لا يمكن أن تفى بهداياته ومقاصده. وأن طالب فهمه لا طريق له إلا أن ينتقل هو إلى القرآن ولغته ، فيدرسه على ضوء ما تقرر من قواعد هذه اللغة وأساليبها. ولا سبيل إلى هذه الدراسة طبعا إلا بحذق هذه اللغة وعلومها.
٣ ـ كلمة لحجة الإسلام الغزالى
جاء فى كتاب المستصفى للغزالى (١٦٩ ج ١) ما نصه : «ويدل على جوازه (أى جواز رواية الحديث بالمعنى للعالم) الإجماع على جواز شرح الشرع للعجم بلسانهم. فإذا جاز إبدال العربية بعجمية ترادفها ، فلأن يجوز إبدال عربية بعربية ترادفها وتساويها أولى. وكذلك كان سفراء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى البلاد يبلغونهم أوامره بلغتهم. وهذا لأنا نعلم ألا تعبد فى اللفظ ، وإنما المقصود فهم المعنى وإيصاله إلى الخلق ، وليس ذلك كالتشهد والتكبير وما تعبد فيه باللفظ).