الآية السابعة
(وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) فإنها منسوخة بقوله سبحانه : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) لأن الآية الأولى تفيد أن الله يكلف العباد حتى بالخطرات التى لا يملكون دفعها ، والآية الثانية تفيد أنه لا يكلفهم بها ، لأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها. والذى يظهر لنا أن الآية الثانية مخصصة للأولى وليست ناسخة. لأن إفادة الأولى لتكليف الله عباده بما يستطيعون مما أبدوا فى أنفسهم أو أخفوا ، لا تزال هذه الإفادة باقية ، وهذا لا يعارض الآية الثانية حتى يكون ثمة نسخ.
وقال بعضهم : إن الآية محكمة ، لأنها خاصة بكتمان الشهادة وإظهارها. ويرده أنه لا دليل على هذا التخصيص.
وقال بعضهم : إنها محكمة مع بقائها على عمومها ، والمعنى أن الله يحاسب المؤمنين والكافرين بما أبدوا وبما أخفوا ، فيغفر للمؤمنين ويعذب الكافرين والمنافقين ... ويرده أن هذا العموم لا يسلم بعد ما تقرر من أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، سواء أكانت نفسا مؤمنة أم كافرة. لأن لفظ «نفسا» نكرة فى سياق النفى فيعم.
الآية الثامنة
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) قال السيوطى : ليس فى آل عمران آية يصح فيها دعوى النسخ إلا هذه الآية. فقد قيل إنها منسوخة قول الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). اه.
والذى يبدو لنا أنها غير منسوخة ، لأن التعارض الحقيقى بين الآيتين غير مسلم ، فإن تقوى الله حق تقواه المأمور بها فى الآية الأولى ، معناها الإتيان بما يستطيعه المكلفون من هداية الله ، دون ما خرج عن استطاعتهم ، وقد ورد تفسيرها بأن يحفظ الإنسان رأسه وما وعى ،