الْعُسْرَ) ويقول : (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) ولا تيسير ولا تخفيف فى نقلنا من الأخف إلى الأثقل.
وندفع هذه الشبهة (أولا) بأن قصارى ما يدل عليه هذان النصان الكريمان ، هو أن الأحكام الشرعية كلها ميسرة مخففة فى ذاتها ، لا إرهاق فيها للمكلفين ، وإن كانت فيما بينها متفاوتة ، فبعضها أثقل أو أخف بالنسبة إلى بعض.
(ثانيا) أنه لو كان مفهوم الآية هو ما فهموا من التيسير والتخفيف المطلقين ، لانتقض ذلك بأصل التكليف ، لأن التكليف إلزام ما فيه كلفة.
(ثالثا) أن النص الأول : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) قد سيق فى معرض خاص ، هو الترخيص للمرضى والمسافرين أن يفطروا ويقضوا عدة من أيام أخر. وعلى هذا يكون معناه يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، فى ترخيصه للمرضى والمسافرين أن يفطروا رمضان ويقضوا عدة ما أفطروا .. وكذلك النص الثانى ، (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) قد سيق فى معرض خاص ، هو إباحة الله لعباده ، أن يتزوجوا الفتيات المؤمنات من الإماء ، إذا لم يستطيعوا طولا أن يتزوجوا الحرائر من المحصنات المؤمنات ، وبشرط أن يخشوا العنت أى يخافوا الوقوع فى الزنى.
وعلى هذا فالتخفيف المذكور فى هذا السياق ، معناه التخفيف بالترخيص لهؤلاء الفقراء الخائفين من العنت ، أن يتزوجوا إماء الله المؤمنات.
الشبهة الرابعة ودفعها :
يقول هؤلاء أيضا : إن قوله سبحانه (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) يفيد أن النسخ لا يكون إلا بالأخف ، لأنه الخير ، أو بالمساوى ، لأنه المثل ، أما الأثقل فلا.