الشبهة الثانية ودفعها :
يقولون : إن تفسير القرآن يشتمل عادة على كيفية نطق ألفاظه ومدلولات مفرداته ، وأحكامها الإفرادية والتركيبية ، ومعانيها التى تحمل عليها حال التركيب ، واختلاف المعانى عند الوقف على بعض الكلمات والابتداء بما بعدها وعند وصل الأولى بالثانية. ويشتمل أيضا على معرفة السنة لأنها بيان للقرآن ، وعلى أقوال الصحابة والأئمة المجتهدين وغير ذلك وترجمة مثل هذا مع الاستيفاء أمر متعذر.
ونجيب على هذا بأن استيفاء الأمور المذكورة لم يشرطه أحد فى أصل التفسير العربى ، فبدهى ألا يشترط ذلك فى ترجمته وهى صورة له. كيف وقد علمنا أن التفسير هو البيان ولو من وجه. وكل ما على المفسر أن يكون حكيما ، يلاحظ حال من يفسر لهم على قدر طاقته ، فيضمن تفسيره ما يحتاجون إليه ، ويعفيهم مما لا تسعه عقولهم ، وإلا كان فتنة عليهم. ولعل ذلك سر من أسرار تنوع التفاسير العربية التى بين أيدينا ، ما بين مختصر ومتوسط ومطول ، وما بين تفسير بالمأثور وتفسير بالمعقول. وما بين تفسير معنى بالناحية البلاغية وآخر معنى بالناحية النحوية ، وثالث معنى بالناحية الكلامية ، ورابع معنى بالناحية الفقهية ، إلى غير ذلك.
وإذا كان هذا مائلا أمام أعيننا فى التفاسير العربية ، فكيف نذهب إلى إنكاره إذا وقع مثله فى التفاسير بلغة أجنبية؟!
الشبهة الثالثة ودفعها :
يقولون : لا حاجة إلى هذا التفسير بلسان غير عربى ، ولا إلى ترجمة أى تفسير من التفاسير ، لامكان الاستغناء عنهما بترجمة تعاليم الإسلام وهداياته.
والجواب أنا بينا وجه الحاجة إليه فى الفوائد التى ذكرناها آنفا. ثم إن ترجمة تفسير القرآن وتفسير القرآن بلغة أجنبية. كلاهما مثل ترجمة تعاليم الإسلام وهداياته. فكلها