التى كانت تعروه صلىاللهعليهوسلم عند الوحى ، لم تكن من عادته فى تحضير كلامه لا قبل النبوة ولا بعدها ، ولم تكن من عادة أحد من قومه. بل كان ديدنهم جميعا تحضير الكلام فى نفوسهم وكفى!
الوجه الحادى عشر
آية المباهلة
وذلك أن القرآن دعا إلى المباهلة ـ وهى مفاعلة من الابتهال والضراعة إلى الله بحرارة واجتهاد ، فأبى المدعوون وهم النصارى من أهل نجران ، أن يستجيبوا لها وخافوها ولا ذوا بالفرار منها ، مع أنها لا تكلفهم شيئا سوى أن يأتوا بأبنائهم ونسائهم ويأتى الرسول بأبنائه ونسائه ، ثم يجتمع الجميع فى مكان واحد يبتهلون إلى الله ويضرعون إليه ، بإخلاص وقوة ، أن ينزل لعنته وغضبه على من كان كاذبا من الفريقين. قال سبحانه فى سورة آل عمران : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ، فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ، ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ* إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ : وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ. وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
«ورد أنه عليهالسلام لما دعاهم إلى المباهلة قالوا : حتى ننظر ، فقال العاقب وكان ذا رأيهم : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبى مرسل ، وما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم. ولئن فعلتم لتهلكن. فإن أبيتم الا إلف دينكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد غدا محتضنا للحسين آخذا بيد الحسن ، وفاطمة تمشى خلفه وعلىّ خلفها وهو يقول : «إذا أنا دعوت فأمنوا». فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى ، إنى لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها. فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصرانى!. فقالوا : يا أبا القاسم ، رأينا ألا نباهلك فصالحهم النبى صلىاللهعليهوسلم على ألفى حلة كل سنة. فقال عليهالسلام : «والذى نفسى بيده ، إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران. ولو لا عنوا لمسخوا قردة وخنازير».