الوجه السابع أنباء الغيب فيه
ومعنى هذا أن القرآن قد اشتمل على أخبار كثيرة من الغيوب التى لا علم لمحمد صلىاللهعليهوسلم بها ، ولا سبيل لمثله أن يعلمها مما يدل دلالة بينة على أن هذا القرآن المشتمل على تلك الغيوب ، لا يعقل أن يكون نابعا من نفس محمد ولا غير محمد من الخلق. بل هو كلام علام الغيوب وقيوم الوجود ، الذى يملك زمام العالم (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ).
من ذلك قصص عن الماضى البعيد المتغلغل فى أحشاء القدم. وقصص عن الحاضر الذى لا سبيل لمحمد إلى رؤيته ومعرفته فضلا عن التحدث به. وقصص عن المستقبل الغامض الذى انقطعت دونه الأسباب ، وقصرت عن إدراكه الفراسة والألمعية والذكاء .. وسر الإعجاز فى ذلك كله أنه وقع كما حدث وما تخلف. وجاء على النحو الذى أخبر به فى إجمال ما أجمل وتفصيل ما فصل. وأنه إن أخبر عن غيب الماضى صدقه ما شهد به التاريخ. وإن أخبر عن غيب الحاضر صدقه ما جاء به الأنبياء. وما يجدّ فى العالم من تجارب وعلوم. وإن أخبر عن غيب المستقبل صدقه ما تلده الليالى وما تجىء به الأيام.
غيب الماضى :
أما غيوب الماضى فى القرآن فكثيرة ، تتمثل فى تلك القصص الرائعة التى يفيض بها التنزيل ، ولم يكن لعلم محمد بها من سبيل.
منها قصة نوح التى قال الله فيها : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ. ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا).
ومنها قصة موسى التى يقول الله فيها : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا