مبسوطا فنقول : ترجمة القرآن هى التعبير عن معانى ألفاظه العربية ومقاصدها بألفاظ غير عربية ، مع الوفاء بجميع هذه المعانى والمقاصد.
ثم إن لوحظ فى هذه الترجمة ترتيب ألفاظ القرآن ، فتلك ترجمة القرآن الحرفية أو اللفظية أو المساوية ، وإن لم يلاحظ فيها هذا الترتيب ، فتلك ترجمة القرآن التفسيرية أو المعنوية.
والناظر فيما سلف من الكلام على معنى الترجمة وتقسيمها والفروق بينها وبين التفسير يستغنى هنا عن شرح التعريف والتمثيل للمعرف فى قسميه ؛ كما يستغنى عن التدليل على أن هذا المعنى وحده هو المعنى الاصطلاحى الفريد فى لسان التخاطب العام بين الأمم ، ويعلم أن ترجمة القرآن بهذا المعنى خلاف تفسيره بلغته العربية. وخلاف تفسيره بغير لغته العربية ، وخلاف ترجمة تفسيره العربى ترجمة حرفية أو تفسيرية ، فارجع إلى هذا الذى أسلفناه إن شئت.
الحكم على هذه الترجمة بالاستحالة العادية :
أما حكم ترجمة القرآن بهذا المعنى فالاستحالة العادية والشرعية أى عدم إمكان وقوعها عادة ، وحرمة محاولتها شرعا. ولنا على استحالتها العادية طريقان فى الاستدلال :
(الطريق الأول) أن ترجمة القرآن بهذا المعنى تستلزم المحال ، وكل ما يستلزم المحال محال والدليل على أنها تستلزم المحال أنه لا بد فى تحققها من الوفاء بجميع معانى القرآن الأولية والثانوية ، وبجميع مقاصده الرئيسية الثلاثة ، وكلا هذين مستحيل.
أما الأول فلأن المعانى الثانوية القرآن مدلولة لخصائصه العليا التى هى مناط بلاغته وإعجازه كما بيننا من قبل ، وما كان لبشر أن يحيط بها فضلا عن أن يحاكيها فى كلام له ، وإلا لما تحقق هذا الاعجاز. وأما الثانى فلأن للقصد الأول من القرآن ـ وهو كونه هداية ـ إن