على هامش الوجه السابع
فى هذا الوجه من الإعجاز على ما شرحنا ومثلنا ، معجزات كثيرة لا معجزة واحدة ، لأن كل نبأ من أنباء الغيب معجزة. فانظر ما عدة تلك الأنباء ، يتبين لك عدد تلك المعجزات.
وإنه ليروعك هذا الإعجاز إذا لاحظت أن هذه الكثرة الغامرة لم تتخلف منها قط نبوءة واحدة ، بل وقعت كما أنبأ على الحال الذى أنبأ. ولو تخلفت واحدة لقامت الدنيا وقعدت ، وطبل أعداؤه ورقصوا فرحا بالعثور على سقطة لهذا الذى جاءهم من فوقهم ، وتحداهم بما ليس فى طوقهم. وسفه معبوداتهم ومعبودات آبائهم. ولو كان ذلك لنقل وتواتر ما دامت هذه الدواعى متوافرة على نقله وتواتره كما ترى.
ويزيد فى أمر هذا الإعجاز أن المتحدث بهذه الأنباء الغيبية أمى نشأ فى الأميين ، وان من هذه الأنباء ما كان تحديا وإجابة لسؤال العلماء من أهل الكتاب ، كما سألوه صلىاللهعليهوسلم عن أصحاب الكهف وذى القرنين وعن الروح ونحوها ، وأجابهم عما سألوا وهم يعلمون أنه غيب بالنسمة إليه ، ليست لديه وسيلة عادية للعلم به. ولم يؤثر عنهم أنهم كذبوه فى شىء مما أخبر تكذيبا يستندون فيه إلى دليل ، بل هو الذى كان يكذبهم فيما حرفوه ، ويرشدهم إلى حقيقة ما بدلوه ، ويتحداهم بما فى أيديهم إذا جادلوه. وإليك شاهدا على ذلك :
قالت اليهود مرة للنبى صلىاللهعليهوسلم : إنك تدعى أنك على ملة إبراهيم وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها. فقال عليهالسلام : كان ذلك حلالا لإبراهيم فنحن نحله. فقالت اليهود : إنها لم تزل محرمة فى ملة إبراهيم ونوح عليهماالسلام. فنزل تكذيبا لهم ، وتحديا بالتوراة التى عندهم : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ. قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ