ذلك بالجلد والنفى فى حق البكر ، وبالرجم فى حق الثيب. ومنها أن الله تعالى فرض على المسلمين أولا صوم يوم عاشوراء ، ثم نسخه بفرض صوم شهر رمضان كله مع تخيير الصحيح المقيم بين صيامه والفدية ، ثم نسخ سبحانه هذا التخيير بتعيين الصوم على هذا الصحيح المقيم إلزاما.
شبهات المانعين ودفعها
ذلك ما ارتآه الجمهور. ولكن قوما شطوا فمنعوا هذا النوع الثالث عقلا. وآخرون أسرفوا فمنعوه سمعا. وكلهم محجوجون بما ذكرنا من الأدلة. غير أنا لا نكتفى بذلك ، بل نعرض عليك شبهاتهم ، ونفندها بين يديك لئلا تنخدع ولا نسمح لأحد أن ينخدع!؟
الشبهة الأولى ودفعها :
يقول المانعون لهذا النوع عقلا : إن تكليف الله لعباده لا بد أن يكون لمصلحة راجعة إلى العباد لا إليه. ومحال أن يكون لغير مصلحة ، وإلا كان الله سبحانه عابثا. ومحال أن يكون لمصلحة تعود على الله ، لأنه تعالى هو الغنى عن خلقه جميعا. وإذا كان التكليف راجعا لمصلحة العباد وحدهم ، فلا بد أن يكون على حالة تدعو إلى امتثالهم. وليس فى نقل العباد من الأخف إلى الأشد داعية إلى امتثالهم. بل هو العكس من ذلك : فيه تزهيد لهم فى الطاعة ، وتثبيط لهم عن الواجب. وكل ما كان كذلك يمتنع أن يصدر من الله عقلا.
وندفع هذه الشبهة : (أولا) بأن هذه سفسطات مفضوحة ، ومغالطات مكشوفة ، عمى فيها هؤلاء أو تعاموا عن الحقائق الواقعة فى التشريع ، وهى نقل العباد فعلا من أحكام خفيفة إلى أحكام أشد منها. كما مثلنا آنفا.
(ثانيا) أننا نقلب حجة هؤلاء عليهم ، ونرد كيدهم فى نحرهم ، ونعمل سلاحهم