الدرب وصل» ويرحم الله ابن عطاء الله السكندرى إذ يقول فى حكمه : «لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه ؛ لأن غفلتك عن وجود ذكره ، أشد من غفلتك فى وجود ذكره. فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة ، إلى ذكر مع وجود يقظة. ومن ذكر مع وجود يقظة ، إلى ذكر مع وجود حضور. ومن ذكر مع وجود حضور ، إلى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور. وما ذلك على الله بعزيز».
حكم ترجمة القرآن تفصيلا
على ضوء هذه المعلومات التى سقناها فى تجلية معنى المتضايفين من لفظ ترجمة القرآن ، يسهل علينا أن ندرك أن لهذا المركب الإضافى أربعة معان رئيسية ؛ ثلاثة منها ترجع إلى اللغة وحدها ، والرابع تشترك فيه اللغة والعرف العام الذائع بين الأمم. ولا ريب أن هذا المعنى الرابع هو الجدير بالعناية والاهتمام ؛ لأنه المتبادر إلى الأفهام ، والمقصود فى لسان التخاطب العام.
وها نحن أولاء نستعرض تلك المعانى الأربعة ، مشفوعا كل معنى منها بحكمه المناسب له ، عسى أن تكون هذه الطريقة أبعد عن الخطأ والشطط ، وأهدى إلى الصواب والاعتدال.
١ ـ ترجمة القرآن بمعنى تبليغ ألفاظه
تطلق ترجمة القرآن إطلاقا مستندا إلى اللغة ويراد بها : تبليغ ألفاظه. وحكمها حينئذ أنها جائزة شرعا. والمراد بالجواز هنا ما يقابل الحظر فيصدق بالوجوب وبالندب. وإن شئت دليلا فها هو صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ القرآن ويسمعه أولياءه وأعداءه. ويدعو إلى الله به فى مولده ومهاجره ، وفى سفره وحضره ، والأمة من ورائه نهجت نهجه ، فبلغت ألفاظ القرآن ، وتلقاها بعضهم عن بعض فردا عن فرد ، وجماعة عن جماعة ، وجيلا عن جيل ،