عجيب فى النشر والدعوة والفتح فلو كانت هذه الترجمة العرفية من مواجب الإسلام لكان أسرع الخلق إليها رسول الله وأصحابه. ولو فعلوه لنقل وتواتر ، لأن مثله مما تتوافر الدواعى على نقله وتواتره.
الشبهة الثانية ودفعها
يقولون : إن كتبه صلىاللهعليهوسلم إلى العظماء من غير العرب يدعوهم إلى الإسلام ، تستلزم إقراره على ترجمتها ؛ لأنها مشتملة على قرآن وهم أعجام ، ولأن الروايات الصحيحة ذكرت فى صراحة أن هرقل وهو من هؤلاء المدعوين ، دعا ترجمانه فترجم له الكتاب النبوى وفيه قرآن.
والجواب أن هذه الكتب النبوية لا تستلزم إقرار الرسول صلىاللهعليهوسلم على تلك الترجمة العرفية الممنوعة. بل هى إذا استلزمت فإنما تستلزم الإقرار على نوع جائز من الترجمة وهو التفسير بغير العربية ، لأن التفسير بيان ولو من وجه وهو كاف فى تفهم مضمون الرسائل المرسلة. على أن هذه الرسائل الكريمة لم تشتمل على القرآن كله ، ولا على آيات كاملة منه. بل كل ما فيها مقتبسات نادرة جدا ولا ريب أن المقتبسات من القرآن ليس لها حكم القرآن.
وهاكم نماذج تتبينون منها مبلغ هذه الحقيقة :
فكتابة صلىاللهعليهوسلم الذي ارسله مع دحية بن خليفه الكلبي الى هرقل ، هذا نصه :
«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله الى هرقل عظيم الروم.
سلام على من اتبع الهدى ـ اما بعد فأني ادعوك بدعاية الاسلام اسلم تسلم يؤتك الله اجرك مرتين. وان توليت فإنما عليك إثم الآريسيين (اي الفلاحين) ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا