وتوجيهات ، نعتقد أن فيها غناء عن دفع كثير من الشبهات فاحرص عليها ، ثم اشدد يديك على ما يلقى إليك.
الشبهة الأولى ودفعها :
يقولون : إن محمدا صلىاللهعليهوسلم لقى بحيرا الراهب فأخذ عنه وتعلم منه. وما تلك المعارف التى فى القرآن إلا ثمرة هذا الأخذ وذاك التعلم.
وندفع هذا (أولا) بأنها دعوى مجردة من الدليل ، خالية من التحديد والتعيين.
ومثل هذه الدعاوى لا تقبل ما دامت غير مدللة ، وإلا فليخبرونا ما الذى سمعه محمد من بحيرا الراهب؟ ومتى كان ذلك؟ وأين كان؟.
(ثانيا) أن التاريخ لا يعرف أكثر من أنه صلىاللهعليهوسلم سافر إلى الشام فى تجارة مرتين ، مرة فى طفولته ومرة فى شبابه. ولم يسافر غير هاتين المرتين ، ولم يجاوز سوق بصرى فيهما.
ولم يسمع من بحيرا ولا من غيره شيئا من الدين. ولم يك أمره سرا هناك بل كان معه شاهد فى المرة الأولى وهو عمه أبو طالب ، وشاهد فى الثانية وهو ميسرة غلام خديجة التى خرج الرسول بتجارتها أيامئذ. وكل ما هنالك أن بحيرا الراهب رأى سحابة تظلله صلىاللهعليهوسلم من الشمس ، فذكر لعمه أن سيكون لهذا الغلام شأن ، ثم حذره عليه من اليهود. وقد رجع به عمه خوفا عليه ولم يتم رحلته. كذلك روى هذا الحادث من طرق فى بعض أسانيدها ضعف. ورواية الترمذى ليس فيها اسم بحيرا. وليس فى شىء من الروايات أنه صلىاللهعليهوسلم سمع من بحيرا أو تلقى منه درسا واحدا أو كلمة واحدة ، لا فى العقائد ولا فى العبادات ولا فى المعاملات ولا فى الأخلاق. فأنى يؤفكون؟.
(ثالثا) أن تلك الروايات التاريخية نفسها تحيل أن يقف هذا الراهب موقف المعلم المرشد لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، لأنه بشره أو بشر عمه بنبوته ، وليس بمعقول أن يؤمن