ما لا بد منه فى النسخ
ولعلك تدرك مما سبق أنه لا بد فى تحقق النسخ من أمور أربعة :
(أولها) أن يكون المنسوخ حكما شرعيا.
(ثانيها) أن يكون دليل رفع الحكم دليلا شرعيا.
(ثالثها) أن يكون هذا الدليل الرافع متراخيا عن دليل الحكم الأول غير متصل به كاتصال القيد بالمقيد والتأقيت بالمؤقت.
(رابعها) أن يكون بين ذينك الدليلين تعارض حقيقى.
تلك أربعة لا بد منها لتحقق النسخ باتفاق جمهرة الباحثين. وثمة شروط اختلفوا فى شرطيتها. منها أن يكون ناسخ القرآن قرآنا وناسخ السنة سنة. ومنها كون النسخ مشتملا على بدل للحكم المنسوخ. ومنها كون الناسخ مقابلا للمنسوخ مقابلة الأمر للنهى والمضيق للموسع. ومنها كون الناسخ والمنسوخ نصين قاطعين ، إلى غير ذلك مما يطول شرحه ، وقد يأتيك نبؤه.
الفرق بين النسخ والبداء
البداء (بفتح الباء) يطلق فى لغة العرب على معنيين متقاربين.
أحدهما) الظهور بعد الخفاء. ومنه قول الله سبحانه : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) ، (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا). ومنه قولهم : بدا لنا سور المدينة.
(والآخر) نشأة رأى جديد لم يك موجودا. قال فى القاموس : «وبدا له فى الأمر بدوا ، وبداء ، وبداة ؛ أى نشأ له فيه رأى» اه. ومنه قول الله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ