للنسخ إلا انتهاء الحكم الأول لميقات معلوم عند الله ، بيد أنه لم يكن معلوما لنا من قبل ، ثم أعلمنا الله إياه بالنسخ. وهذا ليس بفارق مؤثر :
فقول الشارع مثلا أول يوم من رمضان ، «صوموا إلى نهاية هذا الشهر» مساو لأن يقول أول يوم من رمضان : «صوموا» من غير تقييد بغاية ، حتى إذا ما انتهى شهر رمضان قال أول يوم من شوال : «أفطروا». وهذا الأخير نسخ لا ريب فيه. وقد جوز منكروه المثال الأول ، فليجوزوا هذا المثال الثانى ؛ لأنه مساويه ، والمتساويان يجب أن يتحد حكمهما. وإلا لما كانا متساويين.
(الدليل الثالث) أن النسخ لو لم يكن جائزا عقلا وواقعا سمعا ، لما ثبتت رسالة سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم إلى الناس كافة ، لكن رسالته العامة للناس ثابتة بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة التى يطول شرحها ، إذن فالشرائع السابقة ليست باقية ، بل هى منسوخة بهذه الشريعة الختامية. وإذن فالنسخ جائز وواقع. أما ملازمة هذا الدليل فنبرهن عليها بأن النسخ لو لم يكن جائزا وواقعا ، لكانت الشرائع الأولى باقية ولو كانت باقية ما ثبتت رسالته صلىاللهعليهوسلم إلى الناس كافة.
(الدليل الرابع) ما يأتى من أدلة الوقوع السمعى ، لأن الوقوع يستلزم الجواز وزيادة.
ب. أدلة وقوع النسخ سمعا :
الأدلة السمعية على وقوع النسخ نوعان : أحدهما تقوم به الحجة على منكرى النسخ من اليهود والنصارى ، من غير توقف على إثبات نبوة الرسول لهم. والآخر تقوم به الحجة على من آمن بنبوته صلىاللهعليهوسلم كأبى مسلم الأصفهانى من المسلمين ، وكالعيسوية من اليهود ، فإنهم يعترفون برسالته عليه الصلاة والسلام ، ولكن يقولون : إلى العرب خاصة. وهؤلاء