ويرحم الله البوصيرى فى قوله :
«كفاك بالعلم فى الأمىّ معجزة |
|
فى الجاهلية والتأديب فى اليتم» |
صلىاللهعليهوسلم ، ومجد وعظم ، وشرف وكرم ، ورزقنا كمال الإيمان به وكمال اتّباعه ، آمين.
الوجه الرابع وفاؤه بحاجات البشر
ومعنى هذا أن القرآن الكريم جاء بهدايات تامة كاملة ، تفى بحاجات البشر فى كل عصر ومصر ، وفاء لا تظفر به فى أى تشريع ولا فى أى دين آخر ويتجلى لك هذا إذا استعرضت المقاصد النبيلة التى رمى إليها القرآن فى هدايته ، والتى نعرض عليك من تفاصيلها ما يأتى :
أولا : إصلاح العقائد عن طريق إرشاد الخلق إلى حقائق المبدأ والمعاد وما بينهما تحت عنوان الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
ثانيا : إصلاح العبادات عن طريق إرشاد الخلق إلى ما يزكى النفوس ويغذى الأرواح ويقوم الإرادة ويفيد الفرد والمجموع منها.
ثالثا : إصلاح الأخلاق عن طريق إرشاد الخلق إلى فضائلها وتنفيرهم من رذائلها ، فى قصد واعتدال وعند حد وسط لا إفراط فيه ولا تفريط
رابعا : إصلاح الاجتماع عن طريق إرشاد الخلق إلى توحيد صفوفهم ومحو العصبيات وإزالة الفوارق التى تباعد بينهم. وذلك بإشعارهم أنهم جنس واحد من نفس واحدة ومن عائلة واحدة أبوهم آدم وأمهم حواء ، وأنه لا فضل لشعب على شعب ولا لأحد على أحد إلا بالتقوى. وأنهم متساوون أمام الله ودينه وتشريعه ، متكافئون فى الأفضلية وفى الحقوق والتبعات من غير استثناءات ولا امتيازات. وأن الإسلام عقد إخاء بينهم أقوى من إخاء النسب والعصب. وأن لسانهم العام هو لسان هذا الدين ولسان كتابه : (لغة العرب). وأنهم أمة واحدة يؤلف بينها المبدأ ولا تفرقها الحدود الإقليمية ولا الفواصل