وإنما ضم الأبناء والنساء وإن كانت المباهلة مختصة به وبمن يكذبه ، لأن ذلك آكد فى الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حتى جرؤ على تعريض أعزته وأفلاذ كبده لذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له ، وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته إن تمت المباهلة. وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب وقدمهم فى الذكر على الأنفس لينبه على قرب مكانهم ومنزلتهم. وفيه دليل على صحة نبوة النبى صلىاللهعليهوسلم لأنه لم يرو أحد من موافق أو مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك» اه من تفسير النسفى. ونقول : أليس هذا دليلا ماديا على أن هذا القرآن كلام القادر على إنزال اللعنة وإهلاك الكاذب. ثم أليس قبول محمد لهذه المباهلة مع امتناع أعدائه دليلا على أن صدقه فى نبوته كان أمرا معروفا مقررا حتى فى نفوس مخالفيه من أهل الكتاب. وإلا فلما ذا نكصوا على أعقابهم ولا ذوا بالفرار من المباهلة (تأمل كلمة العاقب وأسقف نجران فى الرواية الآنفة). لكنه الحقد والكبرياء أكلا قلوبهم ، فحسدوه أن آتاه الله النبوة دونهم مع أنه أمى وهم أهل كتاب. وكبر عليهم أن يؤمنوا به ويدينوا له فتضيع رياستهم وتنحط منزلتهم فى نفوس العامة. والحسد والكبر من الحجب الكثيفة التى تحول بين المرء وسعادته ، فالحسود لا يسود ، والمتكبر مخذول لا يسترشد ولا يتوب ؛ (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ. وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً. وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ). معاذا بك اللهم من مقتك وغضبك ، ومن كل ما يؤدى إلى مقتك وغضبك ، آمين.
الوجه الثانى عشر
عجز الرسول عن الإتيان ببدل له
وذلك أن أعداء الإسلام طلبوا من النبى صلىاللهعليهوسلم أن يأتى بقرآن غير هذا القرآن أو أن