لأنه لم يبق على وجه الأرض شاهد مقبول الشهادة إلا هذا الكتاب الذى أنزله الله مقررا لنبوة الأنبياء السابقين وأديانهم ، ومصححا لأغلاط اللاغطين فيها والمحرفين لها : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ).
«الله أكبر ؛ إن دين محمد |
|
«الله أكبر ؛ إن دين محمد |
لا تذكروا الكتب السوالف عنده |
|
طلع الصباح فأطفئ القنديلا» |
وجوه إعجاز القرآن
الناظر فى هذا الكتاب الكريم بإنصاف ، تتراءى له وجوه كثيرة مختلفة من الإعجاز ، كما تتراءى للناظر إلى قطعة من الماس ألوان عجيبة متعددة بتعدد ما فيها من زوايا وأضلاع ، ومختلفة باختلاف ما يكون عليه الناظر وما تكون عليه قطعة الماس من الأوضاع. وسنبدأ بما نراه سليما من المطاعن ، ثم نقفى بما لا يسلم فى نظرنا من طعن.
الوجه الأول : لغته وأسلوبه
أما الوجه الأول فلغته وأسلوبه ، على نحو ما فصلناه فى المبحث السابق. وبيان ذلك أن القرآن جاء بهذا الأسلوب الرائع الخلاب ، الذى اشتمل على تلك الخصائص العليا التى تحدثنا عنها والتى لم تجتمع بل لم توجد خاصة واحدة منها فى كلام على نحو ما وجدت فى القرآن وكل ما كان من هذا القبيل فهو لا شك معجز ، خصوصا أن النبى صلىاللهعليهوسلم تحدى به ، فأعجز أساطين الفصحاء ، وأعيا مقاويل البلغاء ؛ وأخرس ألسنة فحول البيان من أهل صناعة اللسان. وذلك فى عصر كانت القوى فيه قد توافرت على الإجادة والتبريز فى هذا الميدان ، وفى أمة كانت مواهبها محشودة للتفوق فى هذه الناحية!. وإذا كان أهل الصناعة هؤلاء قد عجزوا عن معارضة القرآن ، فغيرهم أشد عجزا وأفحش عيا.
وها قد مرت على اللغة العربية من عهد نزول القرآن إلى عصرنا هذا ، أدوار مختلفة