ذلك طائعا مختارا ، وهبط على اسم الله ، حتى إذا لقى موسى سأله موسى ما فعل ربك؟ قال : فرض على وعلى أمتى خمسين صلاة فقال له موسى : ارجع إلى ربك واسأله التخفيف ، وذكر له أنه خبر بنى إسرائيل من قبله فعجزوا وما زال به حتى رجع إلى مقام المناجاة ، وسأل التخفيف من مولاه ، فحط عنه خمسا ، وعاد إلى موسى فراجعه ، وما زال يرجع بين موسى وربه ، وفى كل مرة يحط الله عنه خمسا ، حتى لم يبق إلا خمس من الخمسين. وأشار عليه موسى أيضا أن يرجع ويسأل التخفيف ، فاعتذر بأنه سأل حتى استحيى. فهل بعد ذلك كله يصح فى الأذهان أن يقال أو أن يفهم أن فرض الخمسين لم يكن فرضا عزما ، وأن الله فوض الأمر فى اختيار الخمسين أو الخمس إلى مشيئة رسوله؟ (إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً).
النسخ فى دوراته بين الكتاب والسنة
النسخ فى الشريعة الإسلامية قد يرد به القرآن وقد ترد به السنة. والمنسوخ كذلك قد يرد به القرآن وقد ترد به السنة. فالأقسام أربعة.
١ ـ نسخ القرآن بالقرآن
(القسم الأول) نسخ القرآن بالقرآن. وقد أجمع القائلون بالنسخ من المسلمين على جوازه ووقوعه. أما جوازه فلأن آيات القرآن متساوية فى العلم بها وفى وجوب العمل بمقتضاها. وأما وقوعه فلما ذكرنا وما سنذكر من الآيات الناسخة والمنسوخة. وهذا القسم يتنوع إلى أنواع ثلاثة : نسخ التلاوة والحكم معا ، ونسخ الحكم دون التلاوة ، ونسخ التلاوة دون الحكم. وقد أشبعنا الكلام عليها فيما سبق.