المبحث الثالث عشر
فى ترجمة القرآن وحكمها تفصيلا
أهمية هذا المبحث.
توجه الأذهان فى فاتحة هذا المبحث إلى أهميته وخطره ، من نواح ثلاث :
(أولاها) دقته وغموضه إلى حد جعل علماءنا يختلفون فيه قديما وحديثا ، وجعل مصرنا العزيزة منذ أعوام ميدانا لتطاحن الأفكار والآراء فيه منعا وتجويزا.
(ثانيها) أن كثيرا من الناس قاموا فى زعمهم بنقل القرآن إلى لغات كثيرة ، وترجمات متعددة ، بلغت بإحصاء بعض الباحثين مائة وعشرين ترجمة ، فى خمس وثلاثين لغة ما بين شرقية وغربية ، وتكرر طبع هذه الترجمات حتى أن ترجمة واحدة هى ترجمة جورج سيل الانجليزى طبعت أربعا وثلاثين مرة.
وأوفر هذه الترجمات وأكثرها طبعا هى الترجمات الانكليزية فالفرنسية فالألمانية فالإيطالية. وهناك خمس ترجمات فى كل من اللغتين الفارسية والتركية ، وأربع ترجمات باللغة الصينية ، وثلاث باللاتينية ، واثنتان بالأفغانية ، وواحدة بالجاوية ، وأخرى بالأوردية.
ومن هؤلاء الذين ترجموه من يحمل للإسلام عداوة ظاهرة ، ومنهم من يحمل حبّا له ولكنه جاهل به ، «وعدو عاقل خير من صديق جاهل».
(ثالثتها) وقوع أغلاط فاحشة فى هذه التى سموها ترجمات ؛ وكان وجودها معولا هداما لبناء مجد الإسلام ، ومحاولة سيئة لزلزلة الوحدة الدينية واللغوية والاجتماعية. لأمتنا الإسلامية (صانها الله).
أمام هذه الوقائع القائمة ، والحقائق الماثلة ، والمحاولات الخطيرة ما كان ينبغى لنا أن نقف مكتوفى الأبدى ، مكممى الأفواه ، كأن الأمر لا يعنينا فى قليل ولا كثير ، على حين أن الذى وضع منهم فكرة هذه الترجمة ، وتولى كبر هذه المؤامرة ، رجل من رجال