عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) ، والثانى متمسك بقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ثم يسمى كل واحد الآيات الموافقة لمذهبه محكمة ، والآيات المخالفة متشابهة ، وإنما آل فى ترجيح بعضها على بعض إلى ترجيحات خفية ووجوه ضعيفة. فكيف يليق بالحكيم أن يجعل الكتاب الذى هو المرجوع إليه فى كل الدين إلى يوم القيامة هكذا؟.
والجواب أن العلماء ذكروا لوقوع المتشابه فيه فوائد : منها أنه يوجب مزيد المشقة فى الوصول إلى المراد. وزيادة المشقة توجب مزيد الثواب إلى آخر ما نقلناه عنه فيما سبق من بيان حكم الله وأسراره فى ذكر المتشابهات فاجعلها على بال منك فى رفع هذه الشبهة ، وأضف إليها ما نقلناه آنفا عن ابن اللبان ، وما بسطناه فى دفع الشبهات السالفة. وارجع إلى ما كتبناه فى مثل هذا المقام بالمبحث السابع من هذا الكتاب.
الشبهة الخامسة ودفعها.
قال السيوطى فى كتابه الإتقان : أورد بعضهم سؤالا وهو أنه هل للمحكم مزية على المتشابه أولا؟ فإن قلتم بالثانى فهو خلاف الإجماع وإلا فقد نقضتم أصلكم فى أن جميع كلامه سبحانه سواء ، وإنه منزل بالحكمة.
وأجاب أبو عبد الله النكرباذى بأن المحكم كالمتشابه من وجه ويخالفه من وجه. فيتفقان فى أن الاستدلال بهما لا يمكن إلا بعد معرفة حكمة الواضع وأنه لا يختار القبيح. ويختلفان فى أن المحكم بوضع اللغة لا يحتمل إلا الوجه الواحد فمن سمعه أمكنه أن يستدل به فى الحال. والمتشابه يحتاج إلى فكرة ونظر ليحمله على الوجه المطابق ولأن المحكم أصل والعلم بالأصل أسبق. ولأن المحكم يعلم ، مفصلا والمتشابه لا يعلم إلا مجملا اه.