المقدار من آية واحدة طويلة. فقد تحدى الله أئمة البيان أن يأتوا بسورة من مثله ، وأقصر سورة هى سورة الكوثر ، وآياتها ثلاث قصار. وإذا كان أئمة البيان فى عصر ازدهاره والنباغة فيه قد عجزوا فسائر الخلق أشد عجزا. ولقد فرغنا من أن بلاغة القرآن منوطة بما اشتمل عليه من الخصوصيات والاعتبارات الزائدة وأنت خبير بأنها سارية فيه سريان الماء فى العود الأخضر أو سريان الروح فى الجسم الحى ، وأن نظم القرآن الكريم مصدر لهداياته كلها سواء منها ما كان طريقه هيكل النظم ، وما كان طريقه تلك الخصوصيات الزائدة عليه. وهنا يطالعك العجب العاجب حين تجد دليل صدق الهداية الإسلامية قد آخاها ؛ واتحد مطلعهما فى سماء القرآن فأداه وأداها!!.
التعبد بتلاوة القرآن :
المقصد الثالث من نزول القرآن أن يتعبد الله خلقه بتلاوته ، ويقربهم إليه ويأجرهم على مجرد ترديد لفظه ولو من غير فهمه ، فإذا ضموا إلى التلاوة فهما زادوا أجرا على أجر ، قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ، إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف» رواه الترمذى وقال : حسن صحيح. وروى الحاكم مثله مرفوعا وقال : صحيح الإسناد وجاء فى حديث آخر عن أنس أنه قال : أفضل عبادة أمتى قراءة القرآن وسنده ضعيف غير أنه يتقوى بغيره ثم إن هذه خصيصة امتاز بها القرآن ، أما غيره فلا أجر على مجرد تلاوته ، بل لا بد من التفكر فيه وتدبره ، حتى الصلاة التى هى عماد الدين ، ليس للمرء من ثوابها إلا بمقدار ما عقل منها ..