الآية السادسة
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ ، مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ، فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) فإنها منسوخة بقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً. فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) لأن الآية الأولى أفادت أن من توفى عنها زوجها يوصى لها بنفقة سنة وبسكنى مدة حول ما لم تخرج. فإن خرجت فلا شىء لها. وأما الثانية فقد أفادت وجوب انتظارها أربعة أشهر وعشرا. ولازم هذا أنه لا يجوز لها أن تخرج فى هذه المدة أو تتزوج.
وقيل إن ذلك تخصيص لا نسخ ؛ فإن المرأة قد تكون عدتها سنة كاملة إذا كانت حاملا ، ويرد هذا بأن الآية الأولى تفيد اعتداد المرأة حولا كاملا إذا كانت غير حامل أو كانت حاملا ولم يمكث حملها سنة. والآية الثانية قد رفعت هذا جزما. وذلك محقق للنسخ. على أن الاعتداد حولا كاملا فيما إذا كانت المرأة حاملا ، ليس لدلالة الآية الأولى عليه ، بل لآية (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) وهذا لا يتقيد بعام ، بل ربما يزيد أو ينقص.
وقيل : إن الآية الأولى محكمة ، ولا منافاة بينها وبين الثانية ، لأن الأولى خاصة فيما إذا كان هناك وصية للزوجة بذلك ولم تخرج ولم تتزوج. أما الثانية ففي بيان العدة والمدة التى يجب عليها أن تمكثها. وهما مقامان مختلفان .. ويرد هذا بأن الآية الأولى تجعل للمتوفى عنها حق الخروج فى أى زمن وحق الزواج ، ولم تحرم عليها شيئا منهما قبل أربعة أشهر وعشر. أما الثانية فقد حرمتهما وأوجبت عليها الانتظار ، دون خروج وزواج طول هذه المدة ، فالحق هو القول بالنسخ ، وعليه جمهور العلماء.