في مكة حتى لا يحج اليه حاجّ أبدا. ثم دعا قومه وركب فيلا وسار بهم حتى إذا كان ببعض الطريق بعث رجلا يدعو الناس إلى حج بيته الذي بناه. فتلقّاه رجل من بني كنانة أيضا فقتله ، فازداد أبرهة بذلك حنقا ، وحث السير وطلب من أهل الطائف دليلا يرشده فبعثوا معه دليلا خرج يرشدهم إلى الطريق حتى إذا كان على ستة أميال من مكة المكرّمة فنزلوا يستريحون ويستعدّون لهدم الكعبة. وخرجت قريش إلى رؤوس الجبال تستشرف الجيش الغازي وقالوا لا طاقة لنا بقتال هؤلاء. ولم يبق في مكة إلّا عبد المطّلب بن هاشم سلام الله عليهما قرّ على السقاية ، وإلّا شيبة بن عثمان بن عبد الدار أقام على حجابة البيت ، فوقف عبد المطّالب بباب الكعبة وأخذ بعضادتيه وقال :
لا همّ إنّ المرء يمنع |
|
رحله فامنع حلالك |
لا يغلبوا بصليبهم |
|
ومحالهم عدوا محالك |
لا يدخلوا البلد الحرام |
|
إذا فأمر ما ، بدا لك |
أي ان المرء يحمي من يركبه في قافلته ويحفظه ، فاحفظ اللهمّ حلالك : يعني القوم الحالّين ببيتك.
ثم إن مقدمة جيش أبرهة أصابت إبلا لقريش فيها مائتا بعير لعبد المطّلب بن هاشم (ع) فلمّا بلغه ذلك خرج يطلبها. وكان حاجب أبرهة رجلا يعرف عبد المطلب حق المعرفة فاستأذن له على الملك قائلا : أيها الملك ، جاءك سيد قريش الذي يطعم إنسها في الحيّ ووحشها في الجبل. فقال ائذن له. فأذن له. وكان عبد المطلب رجلا جسيما جميلا مهيبا رآه أبرهة بهذه الهيبة فعظّمه وكرّمه أن يجلسه تحته ، وكره أن يجلسه معه على سريره ، فنزل على الأرض وجلسا معا عليها ، وقال لعبد المطّلب : ما حاجتك؟ قال : حاجتي مائتا بعير لي أصابتها مقدمتك. فقال أبرهة : والله لقد رأيتك فأعجبتني ، ثم تكلمت فزهدت فيك. فقال عبد المطّلب : ولم أيّها الملك؟ قال : لأني جئت إلى بيت عزّكم ومنعتكم من العرب ،