إِذا جَلَّاها) أي كشف الظّلمة وبدّد ظلام الليل ، ولم يذكر هذا المعنى لوضوحه (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) أي يغطّيها ويخفيها ـ يعني الشمس حين يواريها عن الأنظار بنتيجة دوران الأرض ـ (وَالسَّماءِ وَما بَناها) يعني ومن بناها ، فكأنه سبحانه أقسم هنا بذاته القدسية. وقيل هو : والسماء وبنائها المحكم الدقيق (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) أي وبسطها وتسطيحها ليتمكّن الخلق من العمل عليها والتصرّف على سطحها (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) أي وحقّ النفس ـ الجسم الروح ـ حقّ من سوّى أعضاءها وزانها بالعقل. وقيل قصد نفس آدم عليهالسلام (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) أي عرّفها سبل الفجور وسبل التقوى ، وزهّدها بالفجور ، وهدّد بارتكابه ، ورغّب بالتقوى وأثاب عليه (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) هذا جواب القسم ، يعني قد فاز ونجح من زكّى نفسه بتطهيرها من الدنس والرّجس ، وأصلحها بالطاعات والأعمال الصالحة (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) أي خسر من أضلّ نفسه وأخملها وجعلها دنيئة خسيسة. وفي المجمع عن الصادقين عليهماالسلام في قوله تعالى : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) ، قالا : بيّن لها ما تأتي وما تترك ، وفي قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) : قد أفلح من أطاع ، وقد خاب من دسّاها : قد خاب من عصى. وعن سعيد بن أبي هلال قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا قرأ : قد أفلح من زكّاها وقف ثم قال : اللهم آت نفسي تقواها ، أنت وليّها ومولاها ، وزكّها وأنت خير من زكّاها.
* * *
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥))