المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام فهو قوله : كانت قريش تعظّم البلد وتستحلّ محمدا صلىاللهعليهوآله فيه ، فقال : لا أقسم بهذا البلد وأنت حلّ لهذا البلد ، يريد أنهم استحلّوك فيه ، فكذّبوك وشتموك ، وكانوا لا يأخذ الرجل منهم فيه قاتل أبيه ، ويتقلّدون لحاء شجر الحرم فيأمنون بتقليدهم إياه ، فاستحلّوا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ما لم يستحلّوا من غيره فعاب الله ذلك عليهم. ثم عطف سبحانه على قسمه بقوله : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) وعنى بذلك آدم عليهالسلام وذرّيته من الأنبياء والأوصياء وأتباعهم كما عن الإمام الصادق عليهالسلام. وقيل عنى بذلك إبراهيم عليهالسلام وأولاده لأنه هو الذي بنى البيت الحرام (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) أي خلقناه في تعب ونصب وشدة ، يعني أنه يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة ، وقيل بل أراد أن الإنسان يتحمّل شدة القيام بالأمر والنهي في مجال العبادات الشاقة وسائر الطاعات والواجبات ، وعليه أن يعرف كبد الدنيا ومشقاتها وأنه لا راحة إلّا في الآخرة (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) أي هل يزعم الإنسان أنه لا يقدر على عقابه والاقتصاص من أحد إذا أمعن في المعاصي وارتكاب الآثام؟ وهذا الاستفهام إنكاريّ يعني أنه لا ينبغي له أن يظنّ ذلك.
* * *
(يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦))
٦ ـ ١٦ ـ (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً ...) في هذه الآية يحكي سبحانه