مقولة هذا الإنسان الذي كان عدوّا للنبيّ صلىاللهعليهوآله وهو يقول : أنفقت مالا كثيرا في عداوة النبيّ مفتخرا بذلك على قومه ، وقيل هو الحرث ابن عامر بن نوفل بن عبد مناف الذي أذنب ذنبا وسأل النبيّ (ص) عن ذلك فأمره أن يكفّر ، فقال : لقد ذهب مالي في الكفّارات والنفقات منذ دخلت في دين محمد ، فقال سبحانه وتعالى : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) فيسأله كيف اكتسب هذا المال وفيم أنفقه ، ليعلم أننا نحن أعطيناه ، ونحن أمرناه بالإنفاق في أبواب الحلال؟ وعن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لا تزول قدما العبد حتى يسأل عن أربعة : عن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه ، وعن عمله ماذا عمل به ، وعن حبّنا أهل البيت. وقيل إن المدّعي للإنفاق قد كان كاذبا في مدّعاه فقال له سبحانه : أيظنّ أننا لم نر ذلك ولم نعرف أنه فعل أو لم يفعل؟ ثم أخذ سبحانه ببيان نعمه على عبده فقال : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) ينظر بهما عظمة المخلوقات الدالّة على عظمة الخالق (وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) ينطق بواسطة الكل ويشكر خالقه ورازقه (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) أي دللناه على سبيل الخير وسبيل الشر كما عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) أي فلم يتجاوز هذا الإنسان الطريق الصعبة التي كنّى عنها سبحانه بالعقبة وهي مجاهدة النفس ومخالفة الشيطان للوصول إلى عمل الخير والقيام بالطاعات ، وهذا أمر أشبه بصعود العقبة في مشقّته ، وروي أن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : إن أمامكم عقبة كؤودا لا يجوزها المثقلون ، وأنا أريد أن أخففّ عنكم لتلك العقبة. وقيل إن العقبة هي الجسر الذي ينصب فوق جهنم ، أي الصراط. فكأنه سبحانه قال : لم يحمل نفسه على المشقة بعتق الرقبة والإحكام وغيرهما ممّا سيذكره ولذلك سأل سبحانه : (وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ؟) أي ما هو ذلك الاقتحام للعقبة الذي ذكرناه؟ إنه (فَكُّ رَقَبَةٍ) تحريرها من أسر الرّق. وقيل أن يفك رقبته من الذنوب وأن يتوب وينيب (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي