الرّسل ، وكيف صبر الأنبياء ، وكيف نزل بالجبارة العذاب. وهذا من الإيجاز البديع الذي يغني عن التطويل في شرح أمرهم إذا انتقل سبحانه لما كان النبيّ صلىاللهعليهوآله فيه من الضيق بتكذيب قومه فقال تعالى : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) من قريش وغيرهم (فِي تَكْذِيبٍ) لقولك وللقرآن وقد مضوا في كفرهم وأعرضوا عمّا فيه نجاتهم (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) فهم لا يفوتونه لأنهم في سلطانه وفي قبضته وكأنهم محاصرون يتعذّر عليهم الهرب من ملكه (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) وهذا القرآن الذي بين يديك : كريم لأنه كلام الله ، وعظيم السخاء بما يعطي من الخير العميم والنفع الكثير ، إذ فيه الدلائل والحكم والآيات والحق الذي لا يقوم معه باطل ، وهو (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) أي أنه عندنا محفوظ من التغيير والتبديل والزيادة والنقصان. وقد قرئ (مَحْفُوظٍ) بالرفع فجعل صفة للقرآن و (مَحْفُوظٍ) بالجر على أنه صفة للّوح ، وهو في اللوح المحفوظ الذي قيل إنه من درّة بيضاء ، طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب كما عن ابن عباس.
* * *