أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠))
٢٦ ـ ٣٠ ـ (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ راقٍ ...) أي حقا ما قلناه سابقا من شأن وجوه المؤمنين ووجوه الكافرين ، فإذا بلغت روح المحتضر التراقي وهي العظام المحيطة بالحلق عظما الترقوة وما يليهما وكنّى بذلك عن الإشراف على الموت ، فإذا صارت الروح قرب اللهاة وحصل اليأس من المحتضر (وَقِيلَ مَنْ راقٍ) أي وقال أهل المحتضر هل من أحد يرقي هذا المريض وهل من طبيب يشفيه؟ وقيل معناه : لو التمستم له الأطبّاء والرّقاة فلن يجيروه من عذاب الله ، كما قيل ان الملائكة يقولون : من يرقى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب لأن الأهل يجهّزون جسد الميّت والملائكة يجهّزون روحه (وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ) أي علم ذاك الذي بلغت روحه تراقيه أنه مفارق لأهله ودنياه (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) أي امتدّت ساقاه عند الموت لأنه ييبس بعد الموت ويلتفّ بعضه ببعض ، وقيل هو التفافهما في الكفن ، كما قيل هو التفاف أمر الدنيا بأمر الآخرة ، والأول أقرب إلى الصواب (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) أي أن المساق بعد هذه الحالة يكون إلى الله لجميع الخلائق بعد وفاتهم إذ له الأمر والنهي ، فمن كان من أهل الجنة فإلى الجنة ، وإن كان من أهل النار فإلى النار.
٣١ ـ إلى آخر السورة ـ (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى ...) أي لم يصدّق بالله ولا بأوامره ولا بنواهيه التي نقلها رسله إلى العباد ، ولا صلّى لربّه الصلاة المفروضة (وَلكِنْ كَذَّبَ) أنكر ذلك كلّه واعتبره كذبا (وَتَوَلَّى) أعرض عن الإيمان والطاعة والعمل (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) أي أنه بعد سماع الدعوة إلى الإيمان عاد إلى أهله يتبختر في مشيته ويختال في خطراته متمرّدا على ما سمعه ، وقيل إن هذا نزل في أبي جهل (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) أي وليك المكروه والشرّ يا أبا جهل ولفظة (أَوْلى) مبتدأ وخبره (لَكَ)