وأهمها ، أنه عدد يجمع أكثر القليل من العدد وأقلّ الكثير منه ، لأن العدد آحاد وعشرات ومئات وألوف ، فأقلّ العشرات عشرة وأكثر الآحاد تسعة ، والله تعالى أعلم بما أراد إذ قال عزّ من قائل : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) أي ما جعلنا الموكّلين بالنار إلا ملائكة وخلقنا شهوتهم في التعذيب لأهل النار (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي لم نجعلهم في هذا العدد بالذات إلا محنة للكافرين الذين أنكروا الوحدانية ، وليفكّروا في ذلك مليّا فإنه سبحانه لا يفعل إلّا ما فيه الحكمة فكيف جعل هؤلاء تسعة عشر في حين أنه خلق ملكا واحدا يقبض أرواح العالمين جميعا ، فتبارك الله وتقدّس لأنه العالم بما خلق حين جعل تسعة عشر يسوقون الناس إلى عذاب جهنّم ولم يجعلهم أكثر ولا أقل (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ليصدّق اليهود والنصارى أن رسولنا محمد صادق في كلّ ما أخبر من كتبهم التي بين أيديهم من غير أن يقرأها ومن دون أن يتعلّمها منهم (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) أي ليزدادوا يقينا بهذا العدد وبصدق جميع ما جاء به رسولنا الكريم لأنه يخبر أهل الكتاب بما في كتبهم دون زيادة أو نقصان (وَلا يَرْتابَ) ولا يشك (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) بهذا العدد من خزنة جهنّم ، وليؤمن من لم يؤمن إذا تدبّر وفكّر في هذه الأمور التي يقولها رسولنا لهم (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي زيغ ونفاق (وَ) ليقول معهم (الْكافِرُونَ : ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً؟) أي ماذا أراد الله بهذا الوصف للعدد وليفكّروا فيصلوا الى التدبّر والإذعان والإيمان. واللام في (ليقول) هي للعاقبة ، أي ليكون عاقبة أمرهم أن يقولوا ذلك (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أي كما جعلنا خزنة جهنّم ملائكة عددهم محنة واختيار ، فكذلك نكلّف الخلق ليظهر الضلال من بعضهم ، والهدى من بعضهم الآخر. وقد أضاف الهدى والضلالة إلى نفسه لأن سبب التكليف يأتي من جهته عزوجل. وقيل إنه يضل في الآخرة عن طريق الجنّة من يشاءوهم مستحقّو العذاب ، ويهدي إليه من يشاء ، وهم مستحقو الثواب (وَما