تقولون إنه ساحر. فخرجوا وصاروا لا يلقى أحدهم النبيّ (ص) إلّا قال : يا ساحر يا ساحر فنزلت هذه الآيات التي فيها تهديد ظاهر لهذا الكافر إذ يقول لرسوله : (ذَرْنِي) أي دعني ومن خلقته متوحّدا بخلقه ولم يشاركني أحد في ذلك ، فاترك عليّ عقابه وأنا أكفيك ذلك. فخلّ بيني وبينه وغدا أريك ما أفعل به فقد خلقته وكان لا مال له ولا ولد (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) أي مالا كثيرا (وَبَنِينَ شُهُوداً) حاضرين قد كانوا عشرة فيما ذكر وكانوا يبقون بين يديه ولا يغادرون مكة لتجارة أو غيرها لأنهم أغنياء عن ذلك (وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) أي وسّعت عليه في العيش وبسطت له فيه بسطا وسهّلت له الأمور (ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) أي يطلب الزيادة ويرغب فيها دون أن يشكرني على ذلك. (كَلَّا) وهذا ردع وزجر له ، أي : لان لا يكون ذلك كما ظنّ هذا الكافر لي وبنعمتي ، فليمتنع ذلك الجاهل وليرتدع عمّا هو فيه من كفر (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) أي كان معاندا لحججنا ينكرها مع معرفته بصدقها ، ولذلك (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) أي سأحمّله مشقة عذاب لا راحة فيه بل فيه ازدياد. وقيل إنه سيتعبه في ارتقاء جبل من نار في جهنم اسمه صعود ، يأخذ المعذّب في ارتقائه فإذا وضع يده عليه ذابت من حرّه ، وإذا رفعها عادت ، ولذلك يصيب رجله إذا حطها عليه ، كما قيل إنه صخرة في النار ملساء يكلّف بصعودها فيفعل بعناء شديد ، ثم إذا ما بلغ أعلاها انحدر إلى أسفلها ، وذلك دأبه لا يفترّ عنه لأنه يضرب بسياط من نار من خلفه ، ويجذب بسلاسل من نار من أمام فيصعدها في أربعين سنة كما عن الكلبي.
١٨ ـ ٣١ ـ (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ...) أي أنه تأمّل وتفكّر فيما يقوله في نعت محمد صلىاللهعليهوآله وفيما يحتال به للباطل لا للحق لأنه سبحانه قال : فقتل أي لعن وعذّب كيف قدّر : أي على أيّ حال قدّر من الكلام لأنه لا يقدّر إلا سوءا ، فلعن على تقديره ذلك في آياتنا مع وضوح دلائلها وحججها.