إذا عرف المكلف الأصول لزم معرفة الفقه والشرع
فصل : ثم قال رحمهالله : أن المكلف إذا عرف هذه الأصول ، يلزمه معرفة الفقه والشرع.
والأصل أن الفقه هو العلم بغرض الغير فيما يخاطب به ، ولهذا لا يستعمل في كل علم. فلا يقول أحدهم فقهت أن زيدا عندي ، وأن السماء فوقي ، وأن الأرض تحتي. كما لا يقال فهمت وفطنت.
وأما في الاصطلاح : فهو العلم بأحكام الشرع وما يتصل بها من أسبابها ، وعللها وشروطها وطرقها.
وهو على ضربين :
أحدهما : ما يجب على الكافة معرفته ، وذلك نحو العلم بوجوب الصلاة على الجملة ، ووجوب الزكاة والحج والجهاد في سبيل الله تعالى ، وما يجري هذا المجرى.
والثاني : يلزم الكافة معرفته ويكون من فروض الكفاية ، نحو العلم بالمسائل الدقيقة من أصول الفقه والفروع المتعلقة بها المتفرعة عنها ، فإن ذلك مما لا يجب على الأعيان ، وإنما هو من فروض الكفاية. إذا قام به بعض الناس سقط عن الباقين.
كيف يجب معرفة الفقه الشرعيات وفيها ما هو فرض كفاية :
ثم سأل رحمهالله نفسه على هذا ، فقال : كيف يصح قولكم إن المكلف إذ عرف هذه الأصول يلزمه معرفة الفقه والشرعيات ، وفي الشرعيات ما لا يجب العلم به ، وهو ما يكون من فروض الكفاية؟ وأجاب : بأن أكثر الشرعيات مما يجب معرفته على الجملة. وبعد ، فإنما هو من فروض الكفاية مما يلزم الكافة ، إلا أنه إذا قام به بعض الناس سقط عن الباقين ، وقد تقدم هذا فيما قدمناه ، فهذه جملة ما أورده في ذلك.
التوحيد :
فصل : اعلم أنه رحمهالله بدأ من هذه الجملة بالتوحيد.
والأصل فيه ، أن التوحيد في أصل اللغة عبارة عما به يصير الشيء واحدا ، كما أن التحريك عبارة عما به يصير الشيء متحركا ، والتسويد عبارة عما به يصير الشيء أسود. ثم يستعمل في الخبر عن كون الشيء واحدا لما لم يكن الخبر صدقا إلا وهو