خمسة فصول :
واعلم أن الكلام في الإمامة يقع في خمسة مواضع : أحدها : في حقيقة الإمام ، والثاني : فيما له ولأجله يحتاج إلى الإمام ، والثالث : في صفات الإمام ، والرابع : في طرق الإمامة ، والخامس : في تعيين الإمام.
حقيقة الإمام :
أما الفصل الأول
وهو أن الإمام في أصل اللغة هو المقدم ، سواء كان مستحقا للتقديم أو لم يكن مستحقا. وأما في الشرع فقد جعله اسما لمن له الولاية على الأمة والتصرف في أمورهم على وجه لا يكون فوق يده يد ، احترازا عن القاضي والمتولي. فإنهما يتصرفان في أمر الأمة ولكن يد الإمام فوق أيديهم. هذا هو الفصل الأول.
الحاجة إلى الإمام :
وأما الفصل الثاني
وهو الكلام فيما له ولأجله يحتاج إلى الإمام. اعلم أن الإمام إنما يحتاج إليه لتنفيذ هذه الأحكام الشرعية ، نحو إقامة الحد وحفظ بيضة البلد وسد الثغور وتجييش الجيوش والغزو وتعديل الشهود وما يجري هذا المجرى.
ولا خلاف في أن هذه الأمور لا يقوم بها إلا الأئمة ، إلا في إقامة الحد والغزو ، فعندنا أن إقامة الحدود والغزو كغيرهما من هذه الأشياء التي عددناها في أنه لا يقوم بها إلا الأئمة ، والدليل عليه إجماع أهل البيت عليهمالسلام وإجماعهم حجة على ما سيجيء من بعد إن شاء الله تعالى.
وقد ذهبت الإمامية إلى أن الإمام إنما يحتاج إليه لتعرف من جهته الشرائع ، والذي يدل على فساد مقالتهم هذه ، هو أن الشرائع معروفة أدلتها من كتاب الله تعالى وسنة الرسول عليهالسلام وإجماع أهل البيت وإجماع الأمة؟ فأي حاجة بالأمة إلى الإمام؟ وفيهم من قال بأن الحاجة إلى الإمام هو لأنه لطف في الدين وذلك مما لا دلالة عليه. وبعد ، فكيف يجوز أن يغيب الإمام عن الأمة طوال هذه المدة ، مع كونه لطفا في الدين ، ومع أن الحاجة إليه بهذه الشدة.