على محله ، منه يسمع وعليه يضاد ضده ، فلو وجد لا في محل لانقلب جنسه ، وذلك محال.
وأيضا ، فلو صح وجوده لا في محل وقدرنا فيه التضاد ، لكان لا يخلو حال الكلامين وقد وجدا لا في المحل من أن يتضادا أو لا يتضادا ، فإن لم يتضادا مع أن وجود أحدهما على حد وجود الآخر ، لم يصح ، لأن ذلك يقتضي قلب جنسهما ، وإن تضادا كان يجب أن يكون تضادهما على مجرد الوجود ، وذلك يوجب أن لا يصح وجود كلامين مختلفين في العالم ، وقد عرف خلافه. فصح لك في هذه الجملة أن الكلام لا يصح وجوده لا في محل.
وإما أن يثبتوه موجودا في غيره وذلك يقتضي حدوثه ، لأن القديم لا يحل المحدث ، ومحله إذا وجد فلا بد من أن يكون غير الله تعالى لاستحالة أن يكون الله تعالى محلا لشيء من الأشياء.
ثم لا يجب أن يكون مبنيا بنية مخصوصة على ما يحكي عن أبي علي ، وكان يذهب إليه أبو هاشم أولا ثم رجع عنه وقال : إن حكمه مقصور على محله على ما ذكرنا ، وما هذا سبيله فلا حاجة به إلى أزيد من محله ، اعتبر به بالسواد وغيره من المعاني التي يكون حكمها مقصورا على محلها.
ولهذه الطريقة لم يجب في محله أن يكون متحركا لا محالة ، على ما يحكى عن أبي علي أن به حاجة إلى الحركة.
يبين ما ذكرناه ويوضحه ، أنه لو احتاج إلى الحركة لكان لا وجه له إلا أن الحركة سبب فيه ، وليس كذلك ، فإن سببه على الصحيح من المذهب إنما هو الاعتماد بشرط الصّكة التي يرجع بها إلى تأليف بين جسمين صلبين عقيب حركات متوالية ، أو حركات تقل السكنات بينها ، وإنما كان هكذا لأنه يوجد بحسب الاعتماد الذي وصفناه ، يقل بقلته ويكثر بكثرته ، فلو جاز والحال هذه أن يكون سببه غيره لكان لا يمكننا أن نثبت شيئا من الأسباب.
وبعد ، فإننا إذا ضربنا جوزة على سندانة فإنا نسمع منها صوتا ، فقد وجد الصوت ولا حركه ، ولو كان محتاجا إليها لم نجد ذلك.
ومتى قيل : إن الصوت في السندات إنما تولد من حركة الجوزة ، قلنا : إن الحركة لا جهة لها ، فلو ولدت الصوت لولدته في محلها ، وإلا لم تكن بالتوليد في هذه الجهة