زائد على كونه قادرا ، كذلك في مسألتنا ، وهكذا فلو خير بين دينارين وهما في الجودة والرداءة على سواء فإنه يختار أحدهما ، ثم لا يقال : إنه لا بد هنا أمر زائد على كونه قادرا ، فكذلك في مسألتنا.
وأما قياس ذلك على الجوهر وكونه كائنا فلا يصح ، إذ لدلالة قد دلت على أن التحيز غير كاف في اختصاصه ببعض الجهات دون البعض ، لأنه ليس بأن يختص بهذه الجهة لتحيزه أولى من أن يختص بالجهة الأخرى ، إذ لا يفعل في تأثيره سوى طريقة الإيجاب ، وليس كذلك كونه قادرا ، فإن تأثيره في الفعل على طريق الصحة ، ففارق أحدهما الآخر.
وأحد ما يتعلقون به ، قولهم : إن القدرة لو استحال الفعل بها في الحال ، لكان لا يخلو : إما أن تكون هذه الاستحالة راجعة إلى القدرة أو إلى المقدور ، وأي ذلك كان فهو ثابت في الحالة الثانية ، فإما أن يقال : إنه يستحيل الفعل بها على كل حال ، أو يقال : بمقارنتها للمقدور وصحة الفعل بها في الحال ، على ما نقوله.
والأصل في الجواب عن ذلك ، أنا نعلم هذا الحكم ولا نعلله ، لأنا بأي شيء عللناه فسد ، وليس يجب في الأحكام كلها أن تكن معللة ، بل الأصل فيه أن يعرض على وجوه التعليل ، فإن قبل التعليل علل ، وإن لم يقبل لم يعلل.
ثم يقال لهم : ليس في هذا إلا استحالة الفعل بالقدرة في الحال ، وليس يجب إذا استحال الفعل بها في الحال أن يستحيل أيضا في المستقبل ، فإنك تعلم أن الاعتماد يستحيل أن يولد في الحال ثم يصح توليده في الثاني ، وكذلك فالنظر يستحيل أن يولد العلم في الحال ويصح منه في الثاني.
ثم يقال لهم : أليس أنه تعالى يستحيل أن يكون فاعلا فيما لم يزل؟ فلا يخلو ، إما أن يكون ذلك لأمر يرجع إلى القدرة ، أو لأمر يرجع إلى المقدور ، وأي ذلك كان فهو ثابت فيما لا يزال ، فيجب استحالة الفعل منه فيما لا يزال ، فكما أنه لا بد من أن يقول إن هذا حكم لا يعلل ، وكذلك نقول نحن.
وأحد ما يتعلقون به ، قولهم : إن المتعلقات بالأغيار على اختلافها واختلاف أجناسها مشتركة في أنها لا تتعلق بالضدين ، والقدرة من جملة المعاني المتعلقات بالأغيار فيجب أن لا تتعلق بالضدين ، وكل من قال بأنها لا تتعلق بالضدين قال بأنها مقارنة للمقدور على ما نقوله. والأصل في الجواب عن ذلك ، أن هذا باطل بالعجز ،