بالضد أو ما يجري مجراه. إما يكون بطريقة القيد ، فيجوز أن يحاول أحدنا تحريك جسم وغيره يحاول تسكينه ، فيحدث فيه من التسكينات ما يزيد على ما في مقدوره من الحركات ، فإنه يكون والحال هذه ممنوعا من تحريكه بطريقة القيد ، وأما المنع بما يجري مجرى الضد ، فهو كأن يمتنع على الكاتب الكتابة لفقد الآلة من القلم والقرطاس ، فعند هذه الأمور يكون القادر ممنوعا ، وعند ارتفاعها يكون مطلقا ومخلّى.
حقيقة الجواز والصحة والتوهم :
ثم إنه رحمهالله ، أخذ يتكلم في حقيقة الجواز والصحة والتوهم ، لما رأى أن المجبرة يتعلقون بهذه الألفاظ ، دفعا لإلزامنا إياهم أن يكون حال الكافر أسوأ من حال العاجز ، فيقولون : إن الكافر يصح منه الإيمان أو يجوز أو يتوهم وليس كذلك العاجز ، فبين معاني هذه الألفاظ ، ليعلم أنه لا فرج لهم فيها.
معنى الجوز :
وجملة القول في ذلك ، أن الجواز في الأصل إنما هو الشك ، يقال : فلان مجوز أي شاك.
الشك ، الصحة الإمكان ، الوقوع موقع الصحيح ، الإباحة :
ثم يستعمل بمعنى الصحة ، فيقال : يجوز منه الفعل ، أي يصح ، ويستعمل بمعنى الإمكان نحو قولنا : المحل يجوز أن يبيض ويجوز أن يسود ، أي يمكن ، وربما يستعمل ويراد به أنه وقع موقع الصحة ، نحو ما يقوله الفقهاء : يجوز التوضؤ بالماء المغصوب وتجوز الصلاة في الدار المغصوبة ، أي لا يلزم فيها الإعادة بل وقع موقع الصحيح ، وربما يراد به الإباحة ، كما يقال : يجوز للمضطر أن يتناول الميتة ، أي يباح له ذلك.
فهذه هي الوجوه التي يستعمل فيها الجواز ، وحقيقته ما ذكرناه أولا.
ثم ليس يجب إذا استعمل بمعنى الصحة في موضع أن يستعمل في سائر المواضع حتى يصح أن يقال : يجوز من الله تعالى الظلم على معنى أنه يصح ، لأن المجازات مما لا يقاس عليها ، ولهذا لا يقاس غير العربة من الدابة والحصيرة عليها في جواز السؤال.
وبعد ، فإن الأصل أن كل لفظ يحتمل معنيين : يصح أحدهما على الله تعالى ولا