للوجهين المتقدمين. ولا يكون في الحكم كأنه من جهة المضرور به ، لا يكون في الحكم كأنه من جهة غير فاعل الضرر.
لا بد من اعتبار هذه الشرائط : من أن لا يكون فيه نفع ولا دفع ضرر ، لا معلوما ولا مظنونا ولا استحقاقا ، لأن أحدنا لو كلف الأجير العمل بالأجرة لا يكون ظالما لما كان في مقابلته من النفع ما يوازيه ، وكذلك فإن من شرط إذن الصبي دفعا للضرر عنه لا يكون ظلما لتضمنه دفع الضرر عنه ، وكذلك فإن ذم المسيء والمرتكب للقبيح لا يكون ظلما لأنه مستحق.
وقولنا : ولا الظن لأحد الوجهين المتقدمين ، فمن أجل أنه لا فرق بين أن يكون النفع ودفع الضرر معلوما وبين أن يكون مظنونا ، ألا ترى أنه يحسن من أحدنا أن يكلف ولده الاختلاف إلى المكتب وإن شق ذلك عليه لا يكون ذلك منه ظلما ، لما كان في مقابلته نفع مظنون أو دفع ضرر مظنون ، فصح أنه لا بد من اعتبار أن يكون الفعل ضررا لا نفع فيه ، ولا دفع ضرر ، ولا استحقاق ، ولا الظن لأحد الوجهين المتقدمين حتى يكون ظلما.
وكما لا بد من اعتبار ذلك ، فلا بد من أن لا يكون في الحكم كأنه من جهة المضرور به ، لأنه لو كان كذلك لم يكن ظلما. ألا ترى أن من حاول مال غيره أو ذمه فأتى عليه ، فقتله دفعا ، لم يكن ظالما له ، لما كان ذلك الضرر كأنه حل به من قبله.
وكما لا بد من اعتبار هذا الشرط ، فلا بد من أن لا يكون في الحكم كأنه من جهة غير فاعل الضرر ، لأنه لو كان بهذه الصفة لم يكن ظلما ألا ترى أنه تعالى لو أحرق صبيا ألقى به في النار ، أو أماته وقد وضع تحت البرد لا يكون ظالما له ، لما كان هذا الإحراق وهذه الإماتة في هذا الحكم كأنه من جهة غير الله تعالى.
ولو قلت : إن الشرط الثاني ، وهو أن لا يكون في الحكم كأنه من جهة المضرور به داخل فيما تقدم ، لأن المدفوع مستحق لأن يدفع بما أمكن. وهكذا فلو جعله داخلا تحت الشرط الأخير لصح أيضا ، لأن الإتيان عليه وقتله في الحكم كأنه من جهة غير فاعل الضرر. فهذا هو الكلام في حد وحقيقة الظلم.
والذي يدل على ما ذكرنا ، هو أنهم متى عرفوا الضرر على الوجوه التي بيناها سموه ظلما ، ومتى لم يعرفوه على هذا الوجه لم يسموه ظلما.
وعلى هذا فإنهم لما اعتقدوا حصول هذا الضرر على هذا الوجه من الحية