زوال تعلقها لعدمها على ما نقوله ، أو لتقضي مرادها ، أو لخروجها من أن توجب الصفة للمريد ، أو لخروجها عن الصفة المقتضاة عن صفة الذات ، أو لأن الوجود شرط فيه. لا يجوز أن يكون لتقضي مرادها لأن الإرادة قد تخرج عن التعلق وإن لم ينقض مرادها ، ألا ترى أن أحدنا إذا أراد قدوم زيد قد يبدو له ولما قدم زيد بعد ، ولا لخروجها من أن توجب الصفة للمريد لوجهين ، أحدهما ، أن خروجها من أن توجب الصفة للمريد إنما هو لعدمها ، فقد عاد الأمر إلى ما قلناه ولكن بواسطة ، والثاني : أنه ليس بأن يقال إنما زال تعلقها لخروجها من أن توجب الصفة للمريد ، أولى من أن يقال خروجها من أن توجب الصفة للمريد إنما هو لزوال تعلقها ، فلا تتميز العلة من المعلل به. ولا يجوز أن يكون زوال تعلقها لخروجها عن الصفة المقتضاة عن صفة الذات ، لأنه لو لا العدم لما خرجت الإرادة عن هذه الصفة ، فقد عاد الأمر إلى زوال تعلقها لعدمها ولكن بواسطة. وبهذه الطريقة يبطل القسم الآخر وهو أن يكون زوال تعلقها لعدمها ، لأن الوجود شرط فيه ، لأنه لو لم يكن العدم محيلا للتعلق لم يكن الوجود موجبا للتعلق فلم يبق إلا أن يكون زوال تعلقها لعدمها على ما نقوله.
فإن قيل : إن زوال التعلق نفي ، والعدم نفي ، وتعليل النفي بالنفي محال. ألا ترى أنه لا يقال إن الجسم إنما لم يكن متحركا لفقد الحركة.
والأصل في الجواب عن ذلك ، أن تعليل النفي بالنفي لا يجوز إذا كانت العلة موجبة ، فأما إذا كانت العلة كاشفة فإنه يجوز. وعلى هذا يقال إنما لم يصح منه الفعل لأنه ليس بقادر.
فإن قيل : لو كان العدم محيلا للتعلق لوجب أن يكون الوجود موجبا للتعلق ، وهذا يقتضي في الموجودات كلها أن تكون متعلقة ، ومعلوم خلافه ، فإن السواد والحلاوة والطعم مما لا تعلق لها.
والأصل في الجواب عن ذلك ، أنه ليس يجب في أمر من الأمور إذا أحال حكما من الأحكام ، أن يكون نقيض ذلك الأمر يوجب ذلك الحكم. ألا ترى أن عدم المحيل يحيل حلول السواد فيه ، وليس يجب في وجوده أن يوجب حلول السواد فيه.
فإن قيل : إن هذه القضية إنما وجبت في الإرادة لأنها علة والقديم تعالى ليس بعلة ، قلنا : مخالفة القديم تعالى للإرادة ليس بأكثر من مخالفة هذه المتعلقات بعضها لبعض ، وهذه المتعلقات مع اختلافها واختلاف أنواعها وأجناسها متفقة في أنها متى