يأكل من جزاء الصيد والنذور (١) ، ويأكل مما سواهما (٢). وقال مالك : يأكل من هدي التمتع ، ومن كل هدي وجب عليه إلا من فدية الأذى وجزاء الصيد والمنذور (٣). وعند أصحاب الرأي : يأكل من دم التمتع والقران ولا يأكل من واجب سواهما (٤).
قوله : (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ). يعني الزمن الفقير الذي لا شيء له (٥).
قال ابن عباس : البائس الذي ظهر بؤسه في ثيابه وفي (٦) وجهه ، والفقير الذي لا يكون كذلك فتكون ثيابه نقية ووجهه وجه غني (٧). والبؤس شدة الفقر.
قوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ). العامة على كسر اللام ، وهي لام الأمر. وقرأ نافع والكوفيون والبزي بسكونها (٨) ، إجراء للمنفصل مجرى المتصل نحو كتف ، وهو نظير تسكين هاء (هو) بعد (ثمّ) في قراءة الكسائي وقالون حيث أجريت (ثمّ) مجرى الواو والفاء (٩) والتّفث : قيل أصله من التف (١٠) ، وهو وسخ (١١) الأظفار قلبت الفاء ثاء (١٢) كمعثور في معفور (١٣). وقيل : هو الوسخ (١٤) والقذر يقال: ما تفثك. وحكى قطرب : تفث الرجل ، أي : كثر وسخه في سفره (١٥). قال الزجاج (١٦) : إن أهل اللغة لا يعرفون التّفث إلا من التفسير (١٧). وقال المبرد : أصل (١٨) التفث في كلام العرب كل قاذورة تلحق الإنسان فيجب عليه نقضها. وقال القفال : قال نفطويه (١٩) : سألت أعرابيا فصيحا ما
__________________
(١) في ب : والنذو. وهو تحريف.
(٢) انظر البغوي ٥ / ٥٧٦.
(٣) انظر البغوي ٥ / ٥٧٦.
(٤) انظر البغوي ٥ / ٥٧٦.
(٥) المرجع السابق.
(٦) في الأصل : لا في. وهو تحريف.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٣٠.
(٨) وفي السبعة : قرأ أبو عمرو وابن عامر «ثم ليقضوا» يكسر لام الأمر واختلف عن نافع ففي رواية بكسر اللام ، وفي رواية أخرى ساكنة اللام ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «ثم ليقضوا» ساكنة اللام (٤٣٤ ـ ٤٣٥) الكشف ٢ / ١١٦ ـ ١١٧ ، النشر ٢ / ٣٢٦ ، الإتحاف (٣١٤).
(٩) سبق أن تحدثت عن حركة لام الأمر بعد واو العطف وفائه وثم عند قوله تعالى :«فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ» [الحج : ١٥].
(١٠) في ب : التفث. وهو تحريف.
(١١) في النسختين : مسح والصواب ما أثبته.
(١٢) في ب : باء. وهو تحريف.
(١٣) في ب : كمعفور في يعفور. والصواب ما أثبته ، وهو قول أبي محمد البصري. البحر المحيط ٦ / ٣٤٧ وتبدل الثاء من الفاء كقولهم في أثاف : أثاث. انظر سر صناعة الإعراب ١ / ١٧٣.
(١٤) وقيل هو الوسخ : مكرر في ب.
(١٥) البحر المحيط ٦ / ٣٤٧.
(١٦) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٣١.
(١٧) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٤٢٤ ـ ٤٢٤. والبغوي ٥ / ٥٧٣.
(١٨) في الأصل : أهل. وهو تحريف.
(١٩) هو إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي الأزدي الواسطي أبو عبد الله الملقب نفطويه ، كان عالما ـ