٣٨٦٢ ـ أفرح أن أرزأ الكرام وأن |
|
أورث ذودا شصائصا نبلا (١) |
يريد : أو تلك ، أو أأفرح (٢) ، فحذف لدلالة الحال ، وحقه أن يقف على «الأولين» (٣) قال الزمخشري : كيف قيل : «اكتتبها فهي تملى عليه» وإنما يقال : أمليت عليه فهو يكتبها. قلت فيه وجهان :
أحدهما : أراد اكتتابها وطلبه ، فهي تملى عليه ، أو كتبت له ، وهو أمر فهي تملى عليه ، أي : تلقى عليه من كتاب يتحفظها ، لأن صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب (٤).
وقرأ عيسى وطلحة «تتلى» بتاءين من [فوق (٥) من التلاوة. و «بكرة وأصيلا» ظرفا زمان للإملاء ، والياء (٦) في «تملى» بدل من](٧) اللام ، كقوله : (فَلْيُمْلِلْ)(٨) وقد تقدم.
فصل
المعنى : أن هذا القرآن ليس من الله ، إنما هو مما سطره الأولون كأحاديث رستم واسفنديار ، جمع أسطار وأسطورة (٩) كأحدوثة استنسخها محمد من أهل الكتاب «فهي تملى عليه» أي : تقرأ عليه ليحفظها لا ليكتبها «بكرة وأصيلا» غدوة (١٠) وعشيّا. قوله : (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ) الآية. وهذا جواب عن شبههم ، وذلك أنه ـ عليهالسلام (١١) ـ تحداهم بالمعارضة وأظهر عجزهم عنها ، ولو كان عليهالسلام (١١) أتى بالقرآن من عند نفسه ، أو استعان بأحد لكان من الواجب عليهم أيضا أن يستعينوا بأحد ، فيأتوا بمثل هذا القرآن ، فلما عجزوا عنه ثبت أنه وحي الله وكلامه ، فلهذا قال : (قُلْ أَنْزَلَهُ) يعني: القرآن «الّذي يعلم السّرّ» أي : الغيب (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ؛ لأن القادر على تركيب ألفاظ القرآن لا بد وأن يكون عالما بكل المعلومات ظاهرها وخفيها ، (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ
__________________
(١) البيت من بحر المنسرح ، قاله حضرمي بن عامر الأسدي ، وقد تقدّم.
والشاهد فيه حذف همزة الاستفهام ، للعلم بها ، والتقدير : أأفرح.
(٢) في ب : أفرح. وهو تحريف.
(٣) انظر الكشاف ٣ / ٨٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤٨٢.
(٤) الكشاف ٣ / ٨٩.
(٥) تفسير ابن عطية ١٠ / ٥ ـ ٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٨٢.
(٦) أي : باعتبار الأصل ، إذ هي في «تملى» ألف ولكن أصلها الياء ، فكان الأولى أن يعبر بالألف.
(٧) ما بين القوسين مكرر في ب.
(٨) [البقرة : ٢٨٢]. قال ابن عصفور : (وأبدلت من اللام في (أمليت الكتاب) إنما أصله أمللت ، فأبدلت اللام الأخيرة ياء ، هروبا من التضعيف ، وقد جاء القرآن باللغتين جميعا ، قال تعالى : «فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً» وقال عزوجل : «وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ» وإنما جعلنا اللام هي الأصل ؛ لأن أمللت أكثر من أمليت) الممتع ١ / ٣٧٣. وذكر ابن عادل هناك : ويقال : أمللته وأمليته ، فقيل : هما لغتان وقيل : الياء بدل من أحد المثلين ، وأصل المادة الإعادة مرة بعد أخرى. انظر اللباب ٢ / ١٤٥.
(٩) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٢٩ ، البيان ٢ / ٢٠٢.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٥١.
(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.