معنى قوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) ، فقال : ما أفسر القرآن ، ولكنا نقول للرجل : ما أتفثك ، أي : أوسخك وما أدرنك (١). ثم قال القفال (٢) : وهذا أولى من قول الزجاح لأن القول قول المثبت لا قول النافي (٣). والمراد بالتفث هنا (٤) : الوسخ والقذارة من طول الشعر والأظفار والشعث والحاج أشعث أغبر ، والمراد قص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة. والمراد بالقضاء إزالة ذلك ، والمراد به الخروج من الإحرام بالحلق وقص الشارب والتنظيف ولبس الثياب (٥). وقال ابن عمر (٦) وابن عباس (٧) : قضاء التفث مناسك الحج كلها. وقال مجاهد : هو مناسك الحج وأخذ الشارب ونتف الإبط وحلق العانة وقلم الأظفار. وقيل : التفث هنا رمي الجمار (٨). وقيل : معنى (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) ليصنعوا (٩) ما يصنعه المحرم من إزالة شعر وشعث ونحوهما عند حله ، وفي ضمن هذا قضاء جميع المناسك إذ لا يفعل هذا إلا بعد فعل المناسك كلها (١٠).
قوله : (وَلْيُوفُوا). قرأ أبو بكر «وليوفوا» بالتشديد ، والباقون بالتخفيف (١١). وتقدّم في البقرة أن فيه ثلاث لغات وفّى ، ووفى ، وأوفى (١٢). وقرأ ابن ذكوان : «وليوفوا» بكسر اللام ، والباقون بسكونها. وهذا الخلاف جار في قوله (وَلْيَطَّوَّفُوا)(١٣). والمراد بالوفاء ما أوجبه بالنذر ، وقيل : ما أوجبه الدخول في الحج من المناسك (١٤). قال مجاهد : أراد نذر الحج والهدي ، وما ينذره الإنسان من شيء يكون في الحج (١٥). وقيل : المراد الوفاء بالنذر مطلقا (١٦) وقوله : (وَلْيَطَّوَّفُوا) المراد الطواف الواجب ، وهو طواف الإفاضة يوم النحر بعد الرمي والحلق (١٧) وسمي البيت العتيق قال الحسن : القديم لأنه أول بيت وضع للناس (١٨). وقال ابن عباس وابن الزبير : لأنه أعتق من الجبابرة (١٩) ، فكم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه الله ، ولما قصده أبرهة فعل به ما فعل. فإن قيل : قد تسلّط الحجاج عليه؟
__________________
ـ بالعربية واللغة والحديث ، أخذ عن ثعلب والمبرد ، ومن مصنفاته : إعراب القرآن ، المقنع في النحو ، الأمثال ، المصادر ، أمثال القرآن ، وغير ذلك ، مات سنة ٣٢٣ ه. بغية الوعاة ١ / ٣٣٨ ـ ٤٤٠.
(١) في النسختين : وما أدراك. والصواب ما أثبته.
(٢) القفال : سقط من ب.
(٣) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ٣٠.
(٤) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٥٧٦.
(٥) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٥٧٦.
(٦) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٥٧٦.
(٧) في الأصل : وابن العباس. وهو تحريف.
(٨) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٥٧٧.
(٩) في الأصل : يصنعوا.
(١٠) كلها : سقط من ب.
(١١) السبعة (٤٣٦) ، الكشف ٢ / ١١٦ ـ ١١٧ ، النشر ٢ / ٣٢٦ ، الإتحاف ٣١٤.
(١٢) عند قوله تعالى : «وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ» [البقرة : ٤٠].
(١٣) السبعة (٤٣٤ ـ ٤٣٥) ، الكشف ٢ / ٣٢٦ ، الإتحاف ٣١٤.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٣١.
(١٥) انظر البغوي ٥ / ٥٧٧.
(١٦) المرجع السابق.
(١٧) انظر البغوي ٥ / ٥٧٨.
(١٨) المرجع السابق.
(١٩) المرجع السابق والدر المنثور ٤ / ٣٥٧.