قال مسروق (١) : دخلت على عائشة وعندها حسان بن ثابت ينشد شعرا يشبب بأبيات له وقال :
٣٨١٩ ـ حصان(٢)رزان ما تزنّ(٣)بريبة |
|
وتصبح غرثى من لحوم (الغوافل (٤)) (٥) |
فقالت له عائشة : «لكنك لست كذلك».
قال مسروق : فقلت لها : لم تأذنين له أن يدخل عليك وقد قال الله : (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ)؟ قالت : «وأيّ عذاب أشد من العمى» (٦).
وروي أن عائشة ذكرت حسان وقالت : «أرجو له الجنّة». فقيل : أليس هو الذي تولى كبره؟ فقالت : «إذا سمعت شعره في مدح الرسول رجوت له الجنّة» (٧) وقال عليهالسلام (٨) : «إنّ الله يؤيد حسان بروح القدس في شعره» (٩).
وروي أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمر بالذين رموا عائشة فجلدوا الحد جميعا (١٠).
فصل
المراد من إضافة الكبر إليه أنه كان مبتدئا بذلك القول ، فلا جرم حصل له من العقاب ما حصل لكل من قال ذلك ، لقوله عليهالسلام (١١) : «من سنّ سنّة سيئة فعليه (١٢) وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» (١٣).
وقال أبو مسلم : «سبب تلك الإضافة شدة الرغبة في إشاعة تلك الفاحشة» (١٤).
__________________
(١) هو مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الهمذاني الكوفي ، روى عن الخلفاء الأربعة وابن مسعود وغيرهم ، كان إماما في التفسير ، وثقة عند أهل الحديث ، وقد أخرج له الستة ، مات سنة ٦٣ ه.
المعارف (٤٣٢) ، التفسير والمفسرون ١ / ١١٩ ـ ١٢٠.
(٢) في الأصل : حسان. وهو تحريف.
(٣) في ب : يرون. وهو تحريف.
(٤) من الطويل ، وهو في ديوانه (٢٢٨) ، والإنصاف ٢ / ٧٥٩ ، القرطبي ١٢ / ٢٠٠ ، اللسان : (حصن ، زنن ، غرث) ، البحر المحيط ٦ / ٤٣٧.
(٥) ما بين القوسين في ب : الحوافل. وهو تحريف.
(٦) أخرجه الطبري ١٨ / ٧٠ ، وأورده ابن عطية في تفسيره ١٠ / ٤٥٤ ـ ٤٤٥ وابن كثير ٣ / ٢٧٢ ـ ٢٧٣.
والسيوطي في الدر ٥ / ٣٣.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٧٥.
(٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٩) أخرجه البخاري (صلاة) ١ / ٩٠ ، (بدء الخلق) ٢ / ٢١٢ ، ومسلم (فضائل الصحابة) ٤ / ١٩٣٢ ـ ١٩٣٦ النسائي (مساجد) ٢ / ٤٨ ، أحمد ٥ / ٢٢٢.
(١٠) انظر البغوي ٦ / ٧٩.
(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٢) في الأصل : فله.
(١٣) أخرجه مسلم (زكاة) ٢ / ٧٠٥ ، (علم) ٤ / ٢٠٥٩ ـ ٢٠٦٠ ، النسائي (زكاة) ٥ / ٧٥ ـ ٧٧ الدارمي (مقدمة) ١ / ١٣٠ ، أحمد ٥ / ٣٨٧.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٧٥.