وقال عليهالسلام (١) : «ليقل أحدكم : فتاي وفتاتي ، ولا يقل : عبدي وأمتي» (٢)(٣).
والبغاء : الزنا ، مصدر (٤) : بغت المرأة تبغي بغاء (٥) ، أي : زنت ، وهو مختص بزنا النساء (٦).
فصل
قال المفسرون : نزلت في عبد الله بن أبيّ المنافق ، كان له ست جوار (٧) معاذة ، ومسيكة ، وأميمة ، وعمرة ، وأروى ، وقتيلة ، يكرههن (٨) على البغاء ، وضرب عليهن ضرائب يأخذها ، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤاجرون (٩) إماءهم ، فلما جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة : إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين : فإن يكن خيرا فقد استكثرنا منه ، وإن كان شرا (١٠) فقد آن لنا أن ندعه فشكيا إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فنزلت الآية (١١). وروي أنه جاءت إحدى الجاريتين يوما ببرد ، وجاءت الأخرى بدينار ، فقال لهما : «ارجعا فازنيا» فقالتا : «والله لا نفعل وقد جاء الإسلام وحرم الزنا» فأتيا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وشكيا إليه ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ هذه الآية (١٢). وروي أن عبد الله بن أبيّ أسر رجلا ، فأراد الأسير جارية عبد الله ، وكانت الجارية مسلمة ، فامتنعت الجارية لإسلامها ، فأكرهها سيدها على ذلك رجاء أن تحمل من الأسير فيطلب فداء ولده ، فنزلت الآية (١٣). وروى أبو صالح (١٤) عن ابن عباس قال : جاء عبد الله بن أبيّ إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ومعه جارية من أجمل النساء تسمى : معاذة ، وقال : يا رسول الله ، هذه لأيتام فلان ، أفلا نأمرها بالزنا فيصيبون من منافعها. فقال عليهالسلام (١٥) : لا. فأعاد الكلام ، فنزلت الآية (١٦).
__________________
(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٢) أخرجه البخاري (عتق) ٢ / ٨٤ ، مسلم (ألفاظ) ٤ / ١٧٦٤ ـ ١٧٦٥ ، أبو داود (آداب) ٥ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، أحمد ٢ / ٣١٦ ، ٤٢٣ ، ٤٨٤ ، ٤٩١ ، ٥٠٨.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٢١ ـ ٢٢٢.
(٤) مصدر : سقط من ب وفيه : و.
(٥) في ب : بغيا.
(٦) اللسان (بغا).
(٧) جوار : سقط من ب ، وفي الأصل : جواري.
(٨) في الأصل : يكرهن.
(٩) في ب : مواجرون.
(١٠) في ب : وإن يكن سرا.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٢١.
(١٢) انظر البغوي ٦ / ١١٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٢. الدر المنثور ٥ / ٤٦٠.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٢١ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٢٨٩.
(١٤) هو أبو صالح صاحب التفسير مولى أم هانىء بنت أبي طالب أخت علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ واسمه باذام ، ـ ويقال : باذان ـ كان لا يحسن أن يقرأ القرآن ، وكان الشعبي يراه فيقعد ، ويقول له تفسير القرآن ولا تحسن أن تقرأه نظرا. المعارف (٤٧٩).
(١٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٢١.