قوله : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) العامة على إسناد الفعل إلى ضمير المتكلم المعظم نفسه ، والمراد أتتهم رسلنا (١). وقرأ أبو عمرو في روآية «آتيناهم» بالمد أي أعطيناهم (٢) ، فيحتمل أن يكون المفعول الثاني غير مذكور ، ويحتمل أن يكون «بذكرهم» والباء مزيدة فيه وابن أبي إسحاق وعيسى ابن عمر وأبو عمرو أيضا «أتيتهم» بتاء المتكلم وحده (٣).
وأبو البرهثم وأبو حياة والجحدري وأبو رجاء «أتيتهم» بتاء الخطاب (٤) ، وهو الرسول ـ عليهالسلام (٥) ـ.
وعيسى : «بذكراهم» بألف التأنيث (٦). وقتادة «نذكرهم» بنون المتكلم المعظم نفسه مكان باء الجر مضارع (ذكر) المشدد (٧) ، ويكون (نذكرهم) جملة حالية.
وتقدم الكلام في «خرجا» و «خراجا» في : الكهف (٨).
فصل
قال ابن عباس : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) بما فيه فخرهم وشرفهم. يعني : القرآن ، فهو كقوله : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ)(٩) أي : شرفكم ، (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)(١٠) أي : شرف لك ولقومك (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ) شرفهم «معرضون» (١١).
وقيل : الذكر هو الوعظ والتذكير (١٢) التحذير (١٣). (أَمْ تَسْأَلُهُمْ) على ما جئتم به «خرجا» أجرا وجعلا (فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) أي ما يعطيك الله من رزقه وثوابه خير (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(١٤) وتقدم الكلام على نظيره.
قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ (٧٤) وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)(٧٥)
قوله : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو الإسلام. (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
__________________
(١) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٨٥ ، البحر المحيط ٦ / ٤١٤.
(٢) المرجعان السابقان.
(٣) المختصر (٩٨) ، المحتسب ٢ / ٩٨ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٨٥ ، البحر المحيط ٦ / ٤١٤.
(٤) المراجع السابقة.
(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٦) المختصر (٩٨) ، البحر المحيط ٦ / ٤١٤.
(٧) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٨٥ ، البحر المحيط ٦ / ٤١٤.
(٨) عند قوله تعالى : «قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا»[الكهف : ٩٤].
(٩) [الأنبياء : ١٠].
(١٠) [الزخرف : ٤٤].
(١١) انظر البغوي ٦ / ٣١.
(١٢) التذكير : سقط من ب.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١١٣.
(١٤) انظر البغوي ٦ / ٣١.