سورة الفرقان
مكية (١) ، وهي سبع وسبعون آية ، وثمانمائة واثنتان وسبعون كلمة ، وعدد حروفها ثلاثة آلاف وسبعمائة وثمانون حرفا.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)(٢)
قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) الآية. اعلم أنه تعالى تكلم في هذه السورة في التوحيد والنبوة وأحوال القيامة ثم ختمها بذكر العباد المخلصين المؤمنين. قال الزجاج : «تبارك» تفاعل من البركة (٢). والبركة كثرة الخير وزيادته ، وفيه معنيان :
أحدهما : تزايد خيره وتكاثره. قال ابن عباس : معناه : جاء بكل بركة ، قال تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) [إبراهيم : ٣٤].
والثاني : قال الضحاك : تعظّم الذي نزل الفرقان ، أي : القرآن على عبده. وقيل (٣) : الكلمة تدل على البقاء ، وهو مأخوذ من بروك البعير ، ومن بروك الطير على الماء. وسميت البركة بركة ، لثبوت الماء فيها ، والمعنى : أنه سبحانه باق (٤) في ذاته أزلا وأبدا ممتنع التغير ، وباق (٤) في صفاته ممتنع التبدل(٥).
فإن قيل : كلمة «الذي» موضوعة في اللغة للإشارة إلى الشيء عند محاولة تعريفه
__________________
(١) هذه السورة مكية في قول الجمهور ، وقال ابن عباس وقتادة : إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة وهي«وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ» إلى قوله «وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً» [الفرقان : ٦٨ ـ ٧٠] وقال الضحاك : مدنية إلا من أولها إلى قوله :«وَلا نُشُوراً»[الفرقان : ١ ـ ٣] تفسير ابن عطية ١١ / ١ ، القرطبي ١٣ / ١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٨٠.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٥٧.
(٣) وقيل : سقط من ب.
(٤) في النسختين : باقي.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٤٤ ـ ٤٥.