وقوله : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) أي يوسع عليهم من إفضاله ، «عليم» بمقادير ما يصلحهم من الإفضال والرزق (١).
قوله تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٣٣)
قوله (٢) : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) الآية (٣).
لما ذكر تزويج الحرائر والإماء ذكر حال من يعجز عن ذلك فقال : (وَلْيَسْتَعْفِفِ) أي : وليجتهد في العفة ، كأن المستعفف طالب من نفسه العفاف.
وقوله : «لا يجدون نكاحا» أي : لا يتمكنون من الوصول إليه ، يقال : لا يجد المرء الشيء إذا لم يتمكن منه ، قال تعالى : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ)(٤) ويقال : هو غير واجد للماء (٥) وإن كان موجودا ، إذا لم يمكنه أن يشتريه. ويجوز أن يراد بالنكاح : ما ينكح به من المال ، فبين تعالى أن من لا يتمكن من ذلك فليطلب التعفف ولينتظر أن يغنيه الله من فضله ثم يصل إلى بغيته من النكاح. فإن قيل : أفليس (٦) ملك اليمين يقوم مقام نفس النكاح؟
قلنا : لكن من لم يجد المهر والنفقة فبأن لا يجد ثمن الجارية أولى (٧).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ ...) الآية» لما بعث السيد على تزويج الصالحين من العبيد والإماء مع الرق رغبهم في أن يكاتبوهم إذا طلبوا ذلك ليصيروا أحرارا فيتصرفون في أنفسهم كالأحرار ، فقال : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ)(٨). يجوز في الذين الرفع على الابتداء ، والخبر الجملة المقترنة بالفاء لما (٩) تضمنه المبتدأ من معنى الشرط.
ويجوز نصبه بفعل مقدر على الاشتغال ، كقولك : «زيدا فاضربه» (١٠) وهو أرجح لمكان الأمر. والكتاب والكتابة كالعتاب والعتابة ، وفي اشتقاق لفظ الكتابة وجوه :
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) في ب : قوله تعالى.
(٣) الآية : سقط من الأصل.
(٤) [النساء : ٩٢] ، [المجادلة : ٤].
(٥) في الأصل : الماء.
(٦) في ب : فليس. وهو تحريف.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢١٦.
(٨) المرجع السابق.
(٩) لما : سقط من ب.
(١٠) انظر الكشاف ٣ / ٧٥ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥١ ، وجوز ابن قتيبة وابن الأنباري الرفع على الابتداء والخبر محذوف تقديره : فيما يتلى عليكم الذين يبتغون الكتاب.
مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٢١ ، البيان ٢ / ١٩٥.