يتقذرون منهم ويكرهون مؤاكلتهم ، ويقول الأعمى : ربما أكل أكثر ، ويقول الأعرج : ربما أخذ مكان اثنين ، فنزلت هذه الآية» (١).
وقال مجاهد : نزلت هذه الآية (ترخيصا لهؤلاء في الأكل من بيوت من سمى الله بهذه الآية) (٢) لأن هؤلاء كانوا يدخلون على الرجل لطلب العلم ، فإذا لم يكن عنده ما يطعمهم ذهب بهم إلى بيوت (٣) آبائهم وأمهاتهم ، أو (٤) بعض من سمى الله ـ عزوجل (٥) ـ في هذه الآية ، فكان أهل الزمانة (٦) يتحرجون من ذلك الطعام ويقولون : ذهب بنا إلى بيت غيره ، فأنزل الله هذه الآية (٧) وقال سعيد بن المسيب : كان المسلمون إذا غزوا اختلفوا منازلهم (٨) ويدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم ، ويقولون : قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا ، فكانوا يتحرجون من ذلك ويقولون : لا ندخلها وهم غيب ، فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم (٩). وقال الحسن : نزلت الآية رخصة لهؤلاء في التخلف عن الجهاد ، وقال : تم الكلام عند قوله : (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) وقوله تعالى : (عَلى أَنْفُسِكُمْ) كلام منقطع عما قبله (١٠).
وقيل : لما نزل قوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ)(١١) قالوا : لا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) ، أي : لا حرج عليكم أن تأكلوا من بيوتكم (١٢). فإن قيل : أي فائدة في إباحة أكل الإنسان طعامه في بيته؟
فالجواب : قيل : أراد من أموال عيالكم وأزواجكم ، وبيت المرأة كبيت الزوج (١٣). وقال ابن قتيبة : أراد من بيوت أولادكم ، نسب بيوت الأولاد إلى الآباء (١٤) كقوله عليهالسلام (١٥) : «أنت ومالك لأبيك» (١٦).
فصل
دلّت هذه الآية بظاهرها على إباحة الأكل من هذه المواضع بغير استئذان ، وهو
__________________
(١) انظر البغوي ٦ / ١٤٧. وأسباب النزول للواحدي (٢٤٥ ـ ٢٤٦) والفخر الرازي ٢٤ / ٢٥.
(٢) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(٣) بيوت : سقط من الأصل.
(٤) في ب : و.
(٥) عزوجل : سقط من ب.
(٦) الزمانة : العاهة ، اللسان (زمن).
(٧) انظر البغوي ٦ / ١٤٧ ـ ١٤٨. وأسباب النزول للواحدي (٢٤٦).
(٨) في الأصل : زمناههم. وهو تحريف.
(٩) انظر البغوي ٦ / ١٤٨. وأسباب النزول للواحدي (٢٤٦) ، والفخر الرازي ٢٤ / ٣٥.
(١٠) انظر البغوي ٦ / ١٤٨ الفخر الرازي ٢٤ / ٣٥.
(١١) [البقرة : ١٨٨].
(١٢) انظر البغوي ٦ / ١٤٨.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٦٣.
(١٤) تأويل مشكل القرآن (٣٣).
(١٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٦) انظر الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (١٢٠).