غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٣٥)
قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية. هذه جملة من مبتدأ وخبر ، إما على حذف مضاف ، أي : ذو نور السموات والمراد بالنور : عدله ، ويؤيد هذا قوله : «مثل نوره» (١) وأضاف (٢) النور لهذين الظرفين إما دلالة على سعة إشراقه ، وفشوّ إضاءته حتى تضيء له السموات والأرض ، وإمّا لإرادة (٣) أهل السموات والأرض ، وأنهم يستضيئون به (٤). ويجوز أن يبالغ في العبادة على سبيل المدح كقولهم : فلان شمس البلاد وقمرها (٥) قال النابغة :
٣٨٣١ ـ فإنّك شمس والملوك كواكب |
|
إذا ظهرت لم يبد (٦) منهنّ كوكب (٧) |
وقال (آخر) (٨) :
٣٨٣٢ ـ قمر القبائل خالد بن يزيد (٩)
ويجوز أن يكون المصدر واقعا اسم الفاعل (١٠) ، أي : منوّر السّموات. ويؤيد هذا الوجه قراءة أمير المؤمنين (١١) وزيد بن علي وأبي جعفر وعبد العزيز المكي : «نوّر» فعلا ماضيا ، وفاعله ضمير الباري تعالى ، «السموات» مفعوله ، وكسره نصب ، و «الأرض» بالنصب نسق عليه (١٢). وفسّره الحسن فقال : «الله منوّر السّموات» (١٣).
__________________
(١) انظر الكشاف ٣ / ٧٧ ، التبيان ٢ / ٩٦٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(٢) في ب : فأضاف.
(٣) في ب : الإرادة. وهو تحريف.
(٤) انظر الكشاف ٣ / ٧٧ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(٦) في ب : يبدو.
(٧) البيت من بحر الطويل ، قاله النابغة الذبياني يمدح النعمان بن المنذر ، وهو في ديوانه (٧٤) ، المصون (٢١) ، أسرار البلاغة (١٦٠) ، القرطبي ١٢ / ٢٥٦ والبحر المحيط ٦ / ٤٥٥ ، والبيت أتى به شاهدا على أن إسناد نور السموات والأرض إلى الله تعالى على سنن العرب في تعبيرهم وأن القصد من ذلك هو المبالغة.
(٨) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(٩) عجز بيت من بحر الكامل وصدره :
هلا خصصت من البلاد بمقصد
وهو في القرطبي ١٢ / ٢٥٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٥ ، ولم يعز إلى قائل. والشاهد فيه كالشاهد في البيت السابق.
(١٠) انظر التبيان ٢ / ٩٦٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(١١) المراد به : علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
(١٢) المختصر (١٠١) ، البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٥٥.